تشكل /الأسرار/ عبئاً ثقيلاً على معظم الناس إن لم نقل جميعهم ذلك أن صدورهم تضيق بالأسرار ويعملون بشتى الأساليب للبوح بتلك الأسرار إلى أقرب أصدقائهم وأحياناً أبعدهم!!.. ويشعرون بأن افشاءهم لأسرارهم يريحهم جداً.. ويعيد إليهم الهدوء.. والشعور بالاطمئنان!! ومع أن الأسرار عادة ما تكون مهمة جداً ومطلوب الحرص على كتمانها.. ومداراتها عن أسماع الآخرين لتظل في صدر الإنسان.. في الحفظ والأمان.. إلا أن معظم الناس يسارعون للبحث عن صديق.. أوزميل.. أوقريب.. ليخصوهم بافشاء أسرارهم لعلهم يزيحون كابوس الضيق.. والبترم من أكوام الأسرار التي تضيق بها صدورهم. ومع أن الشعراء قد أفاضوا في هذا الجانب.. وحذروا من افشاء الإنسان لأسراره حتى لأصدقائه.. والمقربين منه حيث قال أحدهم: احذر عدوك مرة وأحذر صديقك ألف مرة فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة وقال شاعر آخر: إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق إلا أن الناس مازالوا يفرّطون في أسرارهم ثم كثيراً ما تحملوا مواقف حرجة وأحياناً قاتلة نتيجة عدم تحسبهم وافشائهم لأسرارهم.. ولربما مال البعض الى اعتبار أن هذه طبيعة بشرية لا يمكن السيطرة عليها أو الحد منها.. والحديث عن الأسرار يقودنا إلى التسليم المطلق بأن المرأة في كل مكان وزمان هي الأكثر افشاء للأسرار.. والأقل احتفاظاً بها.. وقد راقني جداً ما نشرته هذه الصحيفة وعلى هذه الصفحة في عددها الصادر يوم الخميس الخامس عشر من شهر شعبان الماضي عن بعض الوكالات تحت عوان "دراسة: المرأة أقدم وكالة أنباء عالمية"!! وجاء في تفاصيل الخبر: "أكدت الدكتورة مارغريت باول أستاذة علم الاجتماع في جامعة ميتشجن الأمريكية في دراسة مطولة بعنوان المرأة أقدم وكالة أنباء عالمية أن المرأة المصرية لا تستطيع حفظ الأسرار أكثر من 38 ساعة فقط.. وكشفت الدراسة التي جرت على 500 امرأة مصرية تتراوح أعمارهن مابين 18 و 60 عاماً أن 25% منهن اعترفن بأنهن لا يستطعن حفظ السر إطلاقاً مهما يكن شخصياً وخطيراً.. وأوضحت الدراسة أن النساء المصريات غالباً ما يبحن بالسر إلى شخص غير معني بالموضوع أو ينتمي إلى دائرة اجتماعية مختلفة.. وأشارت الدراسة إلى أن الهاتف والانترنت ساهما بشكل كبير في افشاء الأسرار". وعلى الرغم من هذا الانتصار للمرأة المصرية لكونها أقدم وكالة أنباء عالمية.. إلا أن النساء في كل مكان وزمان هن هكذا حرصاً وتكالباً على إفشاء الاسرار.. أسرارهن وأسرار الآخرين أيضاً.. وفي هذا الزمان بالذات إنضم "الرجل" أيضاً ليكون ضمن المجموع المتوافرين على افشاء الأسرار بل إن الصراع قد بدأ من أجل محاولة التفوق على المرأة في هذا الجانب!! آخر المشوار قال الشاعر: أيها الساهرُ مثلى في الدُجَى ليتنا نغفو.. فقد نَنْسى العذابا