إن المصالحة الوطنية والوحدة الفلسطينية ليست مطلبا لشخص دون الآخر أو لفصيل دون فصيل أو ليوم دون يوم.. بل تأتي استجابة لحقائق التاريخ واحتياجات وضعنا الفلسطيني على كافة جوانبه ومتطلباته الإنسانية والحياتية والسياسية والدبلوماسية.. حين لا تتقدم المصالحة فإنها تتقادم وبالتالي تتعمق الإشكاليات والتعقيدات وأخشى اننا سنكون بحاجة لحوار آخر وآخر لنعالج فيه ما طرأ بعدما اتفق عليه.. وحين لا تسير المصالحة للأمام وللتطبيق فهذا يعني أنها متوقفة أو تتوقف، وحين لا تتجدد اللقاءات فإنها تتبدد لتصبح مطلبا بعيد المنال.. وحين لا يكون هناك تطبيق لنتائج هذه اللقاءات فإنها تتحول الى عبء جماهيري يحتاج الى قراءة أخرى، فالجماهير لا يمكن ان تصلها القناعة الا إذا زرعنا فيها الثقة.. وطول الأيام بدون التطبيق تبدد الثقة وتذهب القناعات بأنه يمكن تحقيق المصالحة أدراج الرياح. تحتاج المصالحة الى دَفعة قوية وصيانة حقيقية والحفاظ على الزخم الذي نالته قبل عدة أسابيع وسرعان ما إندثر.. نحتاج المصالحة أننا نتطلع الى مستقبل مشرق وان نكون جميعا في خندق واحد، خندق الوطن الواحد والدولة الواحدة والمصير الواحد والقرار الواحد والبناء الواحد.. حري بكل فلسطيني أن يدفع بعجلة المصالحة بكل ما يملك من قوة وسلطة وقرار ومبادرة وحتى بالدعاء، وان نخرج من النص المدون على الورق الى آليات التنفيذ والتطبيق وان نسجل في ذاكرة التاريخ أننا برغم اختلافنا وتباين وجهات نظرنا وحتى صدامنا المباشر استطعنا ان نعيد للوطن وحدته وللأجيال آمالها وان ننطلق انطلاقة نوعية نسجلها في ذاكرة الوطن بالتاريخ واليوم والمشهد.. ألا يستحق شعبنا هذا.. ألم نكن دائما نتمترس خلف عهد الشهداء وعهد الدماء والمصير المشترك والثوابت التي تجمعنا.. نعم والف نعم ولا مكان بالمطلق ل "لا".. ف"لا" تعني بقاء الانقسام بكل تداعياته وكل همومه وكل مشاكله المتراكبة والمستمرة. إن الوحدة الوطنية والمصالحة الفلسطينية ضرورية للتخطيط للمستقبل وبلوغ أهدافنا وتجاوز أزماتنا وإشكالاتها في ضوء الاستيعاب الدقيق لتحديات المستقبل الماثلة أمامنا والتي لا يمكن أن نتخطاها أو نقفز عنها أو ندير لها ظهورنا.