في آخر استطلاع للرأي أجرته العديد من المعاهد المختصة وبعض الصحف "الإسرائيلية"، تبين أن أكثر من 60 بالمئة من "الإسرائيليين" لا يريدون نتنياهو. كذلك رفض رئيس الوزراء الصهيوني تقليص ميزانية المستوطنات بالرغم من العجز الذي تعانيه الميزانية "الإسرائيلية". مما يظهر فإن الملفات الساخنة والأزمات المتلاحقة بدأت تعصف بنتنياهو وحكومته، الأمر الذي يعني تعميقاً للأزمات في الكيان الصهيوني. بعد انسحاب حزب كاديما بزعامة شاؤول موفاز من الائتلاف الحكومي، تراجعت قوة نتنياهو، وسبب انسحاب كاديما من الحكومة هو الاختلاف مع نتنياهو على تجنيد الشباب المتدينين اليهود "الحريديم" في الخدمة العسكرية للجيش، في ما يعرف بقانون "تال". كاديما مع التجنيد ونتنياهو بسبب الضغوط عليه يقف ضد ذلك، والقانون ما يزال يشكل عائقاً أمام استمرار الحليف الأبرز لائتلاف نتنياهو الحالي: "حزب إسرائيل بيتنا" بزعامة الفاشي ليبرمان، في الحكومة، فمعروف أن الأخير هو مع القانون "أي التجنيد وأيضاً تجنيد الشباب العرب في الخدمة المدنية"، لكن رئيس الوزراء ضد هذا القانون جملة وتفصيلاً بسبب قناعات شخصية أولاً، وبسبب ضغط الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة التي تدعو إلى عدم التجنيد. وإمعاناً في الإغراق بوجهة نظره، فإن نتنياهو قام بحل "لجنة بلاسنر" وبذلك قطع الطريق على هذا القانون. من ناحية ثانية، ففي إحصائية "إسرائيلية"، أن 14 "إسرائيلياً" حاولوا حرق أنفسهم خلال أسبوع واحد، و"إسرائيلي" آخر أضرم النار في نفسه ومات حرقاً "بعد وفاة موشيه سليمان الذي أشعل النار في نفسه سابقاً وأصيب بحروق شديدة بقي على أثرها بضعة أيام في المستشفى". الرقم بالطبع كبير إذا ما قيس بالدولة التي تتغنى بما تحققه من "رفاه" لمن يسكنونها. هذا الرقم هو دليل على عمق سخونة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الكيان الصهيوني، فمعروف أنه وقبل عام "في مثل هذه الأيام"، قامت أكبر تظاهرات في تاريخ "إسرائيل"، احتجاجاً على ارتفاع أسعار البيوت وغلاء استئجارها، وأيضاً احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية وترديها في الدولة الصهيونية.وفي ذكرى احتجاجات العام الماضي "شارك في أكبرها قبل عام نحو 250 ألف شخص"، قامت تظاهرة في تل أبيب، وأخرى في حيفا وفي بعض المدن أيضاً، وقوام كل منها نحو بضعة آلاف من "الإسرائيليين". موضوع "حرق "الإسرائيليين" أنفسهم" أثار وما يزال عاصفة من الانتقادات اللاذعة لنتنياهو شخصياً ولسياساته الاقتصادية المنحازة دوماً إلى الأغنياء على حساب الفقراء والطبقة الوسطى، ويؤشر أيضاً إلى أزمات الكيان بشكل عام. وفقاً للعديد من المراقبين فإن الحكومة الحالية غير مؤهلة ولا قادرة على إيجاد الحلول للتحديات الاقتصادية التي تواجه دولة الكيان الصهيوني. أحد أسباب ذلك، الدعم المادي الكبير الذي تقدمه الدولة للأحزاب اليمينية والدينية، فقد حققت هذه الأحزاب نجاحاً ملحوظاً في العقدين الماضيين من حيث زيادة حجم مقاعدها في الكنيست، الأمر الذي يجعل منها بيضة القبان للائتلافات الحكومية. فمثلاً في الحكومة الحالية، نتنياهو استجاب لاشتراطات هذه الأحزاب التي ابتزت وما تزال الحكومة "الإسرائيلية" الحالية، في تقديم المساعدات المالية لمشاريعها ومدارسها الدينية، ووفقاً للخبراء الاقتصاديين أيضاً، فإن هذه الأموال جرى اقتطاعها من حسابات أشكال الضمان المختلفة ل"الإسرائيليين"، ما خلق إشكالات كبيرة لهم. من الملفات الشائكة التي تواجهها "إسرائيل" وقادتها بمن فيهم نتنياهو وحكومته، التغييرات العربية المتسارعة في العديد من الدول العربية وبخاصة مصر. فالأمن في سيناء أصبح هاجساً للكيان الصهيوني، واحتمال تأثر معاهدة كامب ديفيد بهذه التغييرات، برغم تطمينات مرسي وطنطاوي ل"إسرائيل". أيضاً الموضوع النووي الإيراني، فنتنياهو عَدّ هذه المسألة في خطابه الأول في جامعة بار إيلان بعيد تشكيله الحكومة الحالية، التحدي الأول الذي تجابهه "إسرائيل". أيضاً، فإن ما أصبح يعرف "بالأسلحة الكيماوية السورية" يشكل ملفاً جديداً ل"إسرائيل" ولنتنياهو. هذه الملفات تشكل في مجموعها أزمات لنتنياهو وحكومته، فليس أمامه لتحويل أنظار "الإسرائيليين" عن هذه الملفات، وبخاصة الأزمات الداخلية المتعلقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي، والملفات الساخنة الخارجية الأخرى، سوى الذهاب إلى الانتخابات التشريعية المبكرة وفق ما يتوقع العديدون من المحللين السياسيين والكتاب والسياسيين "الإسرائيليين".