ها هي وقد انتهت عشر الرحمة، وبدأنا سويةً في عشر المغفرة، وتناصف بنا الضيف الكريم، كريمٌ بكل ما يحويه ويهديه لنا من عطايا إلهية عظيمة "عتق من النار، ومضاعفة حسنات، وأجراً للصائم من الله، وليلة قدر". هذه الأيام التي مضت تعودنا فيها على تلك الأجور والعبادات، بل وقد ارتبطت بيومنا وبشكل مباشر، وحتى على صحتنا. فيقال أن الشخص إذا أراد أن يعتاد على شيءٍ فعليه المداومة عليه لمدة 15 يوماً ليصبح ذلك الشيء عادة لديه، فما بالنا إذا كانت تلك العادات هي في الأصل عبادات، ومنها ما يمكننا فعله في بقية الشهور ولكن لذتها في رمضان تختلف عن سائر الشهور فهو شهر القرآن وسيد الشهور. فيما انقضى من الشهر التزمنا قراءة القرآن وصلاة التروايح وآداء الفروض في أوقاتها فلن نفرط في ذلك فيما تبقى من الشهر الفضيل، فهنا تتزايد الهمم بل وعلينا شد أزر بعضنا البعض كي نسارع إلى الخيرات جميعاً بتذكير الناس بكل ما يؤدي إلى الاستشعار بحلاوة الشهر وفضائله في زمننا أو أزمان من سبقونا من الأجيال والقرون، ومن تلك الذكريات التي لن تنسى في هذا الشهر الفضيل "معركة بدر" فأود من خطباء المساجد استغلال ذلك الحدث للحديث عنه في خطبة الجمعة وبعد الصلوات "بشكل غير تقليدي" بل يتم اتخاذها كوسيلة لتحفيز المسلمين على الزيادة في العبادة والطاعة "لا قصة تسرد على الناس فحسب". وهنا أود أن أوفي بوعدي لكم بأن اذكر ما ذكره شاعرنا المخضرم الأستاذ محمد مصطفى حمام في منتصف الشهر الفضيل قائلاً: أفسحوا لي مجالسَ النسكِ = إني لمتشوقٌ لمجلسِ القرآنِ هيئوا لي منارة احتفى = بالفجر فيها مجلجلا بالأذانِ أنا يا شهرنا الكريمُ وفىٌّ = أنا باقٍ على هوى رمضانِ لهفَ نفسي عليك آذنت بالهجر = وولى من عمرك الثلثانِ وستأتي بعد النوى ثم تأتى = يا ترى هل لنا لقاءٌ ثانِ ؟ فيا ترى..هل لنا لقاءٌ ثانِ؟ تقبل الله منا ومنكم صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا. لا تنسوني من خالص دعائكم.