يقول المصريون الذين يطيلون ذقونهم خارج مصر إنهم لا يستطيعون الدخول بها إلى بلادهم حيث يتم رصدهم والاشتباه بهم عند وصولهم إلى مطار القاهرة. وذلك أثناء حكم الرئيس السابق حسني مبارك. ومن ثم فإنهم كانوا يحلقون "لحاهم" بالكامل قبل السفر إلى هناك.وما يؤكد هذا هو ما حصل لضباط الشرطة الذين تمت إقالتهم بسبب ذقونهم الطويلة في فترة حكم مبارك. وقد أسعدني قرار الرئيس المصري الجديد محمد مرسي بإعادة أولئك الضباط إلى أعمالهم فمن الظلم أن يفقد إنسان مصدر رزقه بسبب "ذقنه" أياً كانت ديانته. كما أن ما فعله النظام السابق يعد إجراءً لم تفعله الدول غير الإسلامية سواء تجاه رعاياها أو القادمين إليها من العرب والمسلمين.على أنه لابد أن نؤمن بأن اطالة الذقون جزء من الحريات الشخصية. ولكنه ليس بالضرورة أن ننظر لها في أي مكان على أن أصحابها من خيرة الصالحين. ولا من فئة المتطرفين. في حين يقابلهم أناس على النقيض فيهم الصالح وفيهم الطالح بصرف النظر عن المظهر.وفي التاريخ القديم والحديث ما يؤكد ذلك من واقع الممارسة. ومن ثم يمكن القول: إن الخطاب السياسي لرئيس مصر الجديد قد ركز على جانب الحريات لبلد يضم التركيبات الدينية ومنظومة من الأحزاب السياسية بلغت بعد الثورة أكثر من 45 حزباً خلال 16 شهراً مضت وهو مالم يشهده بلد في العالم. يتقاسمون الاتجاهات والملفات المتعددة لأمة تدخل للمرة الأولى تجربة جديدة بكل همومها وتطلعاتها. غير أن خروج جماعة جديدة باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحت تشكل هاجساً جديداً لدى المصريين . خاصة بعد حادثة قتل أحد الشباب الذي كان يسير برفقة خطيبته في محافظة السويس . وهو الحادث الذي قيل إن مرتكبيه ينتمون إلى الجماعة الجديدة وكانوا من "الملتحين" وإذا كان الرئيس قد أكد على منهج الدولة المدنية فإن ما حصل يعني محاولة لتشويه صورة النظام الجديد. من خلال ممارسة الأمر بالمنكر لا بالمعروف.. ومن المؤلم أن مرتكبي - الجريمة - قد اعترفوا بما قاموا به وقالوا إنهم ذهبوا للاعتكاف في المسجد بعد أن أنجزو مهمة القتل!!.كما أنها تسيء إلى الجماعات الإسلامية المعتدلة. وتثير الذعر لمجتمع يتطلع إلى عودة الأمن والاستقرار وتكريس مفهوم الديمقراطية. ومن ثم فإن نشوء جماعة جديدة تمارس دوراً خارج القانون تحتاج إلى وقفة سريعة من الدولة المصرية الجديدة.. أمّا بحظرها أو تشريعها وربطها بجهاز الأمن الداخلي ومراقبة نشاطاتها .. دون محاولة البعض اختطاف مكاسب الثورة إلى "الطلبنة" في منهج خفي خطير وحتى لا تبقى مثل هذه الممارسات محسوبة أيضاً على المتدينين المعتدلين في مصر الحديثة التي يواجه رئيسها المنتخب أصعب مرحلة من التحديات الصعبة في بناء الأرض والإنسان على حد سواء .. أعانه الله. [email protected] Twitter:@NasserALShehry