مع انطلاق كل فضائية عربية جديدة نشعر بأن أفق الاعلام قد اتسع أكثر وأن عصر الحرية والشفافية قد بدأ حقاً ، وشعور جميل أن يصلك الخبر فور حدوثه ، وأجمل أن تستمع إلى تحليل موضوعي حول كل خبر من باحث متخصص أو خبير في الشأن الذي يخص الخبر ، لكن حقاً تلتزم الفضائيات العربية بالمعايير الاعلامية التي تجعلها حيادية عند نقلها للأخبار أوتناولها للموضوعات المختلفة وخصوصا تلك التي تثير الحساسية داخل بعض الأوطان العربية وقد تؤدي إلى نشوب الفتن والصراعات ؟! ، مبدئيا لن تحتوي السطور القادمة على إجابة هذا السؤال ، لأنه ببساطة الأجابة معروفة ولا تخفى عن أحد منا .. حيث إن معظم الفضائيات العربية تطبق تلك المعايير ، بل ان بعضها ينتهكها عن عمد وقصد ، لكن دعنا نجيب على نفس السؤال بشكل آخر .. بالرد على من يدعون أننا نعيش الآن أزهى عصور الاعلام العربي وأفضلها على الاطلاق . لقد أهملت معظم وسائل الاعلام العربية قضايا كثيرة هي أهم بكثير لدى المواطن من غيرها مثل : الفقر والبحث عن رغيف الخبز ، بل والوصول إلى حد الجوع في بعض الأحيان ، أزمات السكن وغلاء المعيشة لم تحظ بالاهتمام هي الأخرى .. كل ذلك لصالح الأحداث السياسية والمشاكل الأمنية في كثير من الأحيان ، وفي أحيان أخرى فإن الأحداث الرياضية والفنية هي أكثر أهمية فى نظر أصحاب الفضائيات مقارنة بموضوعات تخص المناسبات العلمية والفاعليات الثقافية ، وحتى عندما اتجهنا إلى مبدأ تخصيص القنوات وتصنيفها .. كانت قنوات الرياضة وقنوات الأفلام والمسلسلات وقنوات الاغانى وقنوات البرامج الكوميدية التي يحتوي أغلب بثها على السخافات تحت مسمى الكوميديا ، وعلى استحياء تجد مالا يتجاوز عدد أصابع اليد من القنوات التي تعنى بالعلم والثقافة ، أما القنوات الدينية فكان حضورها واضحاً .. لكنها هي الأخرى للأسف بعضها يصدر التعصب والتشدد عبر الأقمار الاصطناعية إلى البيوت الآمنة . كم أتمنى أن يعي كل إعلامي أو صاحب قناة فضائية أوضيف على أى برنامج مدى المسؤولية التى تلقى على عاتقه مع كل كلمة ينطقها أو خبر يعلنه ، وأن تحري الدقة فى الخبر أهم من الخبر ذاته مهما حقق ذلك من سبق اعلامي أو انفراد ، كما حسن استغلال هامش الحرية المتوفر حالياً ، فمن المحزن أن نسيء استخدام هذا القدر المتوفر من الحرية ، فما بالنا أن أصبحنا في حرية تامة بلا ضوابط أوحدود تقيد إساءة استخدام الحرية ، فالحرية بالاساس قيود وضوابط وليست انحلال أو أن يفعل أي شخص ما يريد دون نظام .. باختصار لقد بتنا في أمس الحاجة إلى إعلام يساعدنا على تجاوز الأزمات ولا يزيدها ، إعلام يعمل لصالح الوطن وليس لصالح أعداء الوطن ، إعلام يشكل دافعاً للامام وليس عبئاً يثقل كاهل أبناء الأمة أكثر ويسحبهم إلى الخلف .