توقفتُ في المقال السابق عند سؤال هو: ماذا يحدث في توتير؟ والإجابة عنه هي أن المتابع للمشهد السعودي يتوقع أن الناس ستكثف مطالباتها بالتغيير والإصلاح، وستطالب بالإسراع بتنفيذ القرارات الملكية التي وعدها بهم والدهم الملك عبد الله استكمالاً لمشروع الإصلاح.كلٌّ الحملات التي تُعبر سلمية على مواقع التواصل الاجتماعي.. والتي تبناها من آمن بتوجه الحكومة لإقرار العدالة الاجتماعية، ولإيصال حاجات الناس لصنّاع القرار. كلها قوبلت بهجمة مرتدة لا أخلاقية بلا مبررات للأسف .. بل فتحت باب النار على مصراعيه من مجاهدي تويتر والفيس بوك، ضدّ من غامر باسمه باتهامه بأسوأ التهم المقززة التي تؤكد للمشاهد أننا نعيد عصر الظلمات.لاحظوا أن هذا الهجوم كان بسبب تبني قضية الناس والمطالبة بحاجاتهم . توقعنا أن يكون «توتير» ساحة لكشف فساد المسؤولين ومحاسبة شعبية لهم بعد كارثة جدة، والمدارس المستأجرة، وغير ذلك الكثير من الأمور الأخرى المشابهة.ولكنه في الحقيقة تحوّل لساحة جهاد طالبانية، تكفر وتشتم وتسبّ، وتجرح مشاعر كلِّ من يخالف مجاهديها، كما يحلو لهم تسمية أنفسهم. وتدعو لهتك ستر وخصوصية كل الأبرياء الذين لايتبعون فكرهم الغارق في التطرف والموغل في الإرهاب.. والكارثة أن ذلك يحدث على مرأى من مشايخهم ومعلميهم، الذين لا يردعونهم ولايجرمونهم ولا حتى يذكروهم بأننا نعيش في وطن واحد، وكلنا موحّدون..لم يصدروا فتوى أو تنبيه واحد لتحذير تابعيهم من خطأ وخطورة ما يقومون به.. لم يستحوا أن يظهروا بعضهم كمعلمين ودعاة بهذه الصورة المخجلة أمام العالم، أي شيء من هذا القبيل لم يحدث بتاتاً، ولا أدري ما السبب؟. لقد قام هؤلاء المجاهدون بأبشع أساليب الإساءة للآخرين، والهجوم عليهم، دون خوف من الحكومة أو إقامة أيِّ اعتبار لقوانينها.. ومن أمن العقوبة أساء الأدب ياوطن. قبل عام تزامناً مع القرارات الملكية صدر قانون لعقوبات النشر الالكتروني ونظام الجرائم المعلوماتية، ولكننا إلى الآن لا نرى نتيجة ايجابية ملموسة له. إن ثقافة الحقوق لدينا ينقصها الكثير من قبل الطرفين المواطن والمسؤول، ولابد من الاهتمام بها بشكل جاد قوي، لمواكبة هذا الحراك الالكتروني الرهيب الذي تشهده الساحة الثقافية السعودية، وسأستكمل حديثي عن هذا الموضوع، وعن المجاهدين «الهكر» في المقال القادم. حقوقية إصلاحية وناشطة سياسية سعودية