ليس هناك محددات لحجب الرأي في هذا الوطن بكل مؤسساته ومختلف انظمته الإدارية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. باختصار ليس لدينا محرمات لا يمكن الحديث عنها .. فقط كيف يمكن ان نكتب .. كيف يمكن ان نتكلم.. وبأي صيغة نتكلم. وفي هذا وذاك ماذا نريد؟ على مدى مراحل من التاريخ العربي الحديث شهدت الكثير من البلدان العربية منعطفات مؤلمة أفرزتها مساحات من الاطروحات التي نتج عنها حروب وصراعات داخلية وخارجية وانتماءات غبية لمصالح تركيبات حزبية لعبت أدواراً في خطاباتها السياسية تجاه مختلف القضايا وذلك من خلال عناصر غير ناضجة وغير واعية للأبعاد والانعكاسات التي يمكن ان تعصف بالمكتسبات الوطنية.. ومن ابرزها منظومة الأمن والاستقرار.. وحين تقع الكارثة تغيب كل الوجوه والأقلام والألسنة إلى منابع الدعم المشبوه الذي كانت تزعم يوماً انها تناضل لمحاربته. حتى انهم اطلقوا في احدى الدول العربية قريباً مسمى حزب "الكنبة" في تفسير لممارسة المعارضين من الخارج الذين يتمتعون بالمال والرفاهية في عواصم غربية ويرفعون شعارات النضال في صورته الصوتية عبر وسائل الاعلام. وإذا كانت ثورات الربيع العربي قد زادت من حدة الممارسة التي غلبت عليها الغوغائية. فإن حجم المقارنة هنا يختلف نصاً ومضموناً طبقاً للتركيبة الثقافية المؤثرة في المجتمع. قلت في البداية انه ليس هناك محددات لحجب الرأي في هذا الوطن. فقط كيف يمكن ان نطرح قضايانا وماذا نريد؟. ولأننا أمة تؤمن بالحفاظ على أكبر وحدة تحققت في التاريخ فإنه كان لابد ان تكون صحافتنا وكل وسائلنا الاعلامية من اهم ركائز دعم هذه الوحدة ومنجزاتها ورموزها القيادية.. بل لقد كان لثقة خادم الحرمين الشريفين في منبر الرأي الوطني ما يجعلنا جميعاً أمام مسؤولية الكلمة.. وجعل أصحاب الرأي والمفكرين أمام تكريس هذه الثقة من خلال الطرح والتناول بعيداً عن أي انتماء خارج الثوابت والمصالح الوطنية وبعيداً عن التحريض "المبطن" للغوغائية والفتنة التي تهدد هذه المنظومة من خلال خطابات أو مقالات ظاهرها المدح وباطنها الذم . لكن أن يأتي من يتحدث عن الصحافة السعودية ويتهمها بما لا يليق كما فعل الشيخ عبدالمحسن العبيكان فهذا هو المؤلم الذي لا يمكن القبول به. والسؤال هنا: هل تحدثت صحيفة سعودية بالطريقة التي أزبد وأرعد بها العبيكان في احدى الإذاعات مؤخراً وشكك فيها والقى التهم على الأطراف داخل مراكز هامة في الدولة وخارجها؟. ثم هل خرجت صحيفة أو كاتب باحتجاج على قرار تنظيمي اصدره قائد هذه الأمة .. وكيف اعطى لنفسه معارضة قرار لجنة المخالفات الصحفية التي أمر خادم الحرمين الشريفين بتشكيلها. رغم انه يوجد فيها عضو من وزارة العدل؟ أم انه كان يريد بقاء التحكم في الرأي داخل المحاكم الشرعية حتى يكون له النفوذ في المصادرة ومعاقبة أصحاب الفكر؟. والمزايدة عليهم بطريقته الخاصة؟. ثانياً: أليس هناك ضوابط لحجم الوظيفة ومسؤولياتها ترفض مثل هذا الخروج على المنابر وشن حملة تشكيك هوجاء ضد من اعطاهم ولي الأمر ثقته وعرفهم الوطن والمواطن كفاءات مخلصة ومنتجة اضافة إلى منابر صحفية رصينة تعي اهمية دورها تجاه الأمة. ثالثاً: ألا يعرف العبيكان أن ما ذهب إليه من الشكوك في نوايا من ألقى عليهم التهم سواء أفصح عن الأسماء أو حجبها هي أمور خارج تخصصه وخارج قدراته . ونسي أن هناك جهات أمنية مختصة ومسؤولة عن أمن الدولة داخل وخارج مقر صناعة القرار.. وهي أجهزة تدين بالعقيدة والولاء لقيادة هذه الأمة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يغيب عنها أي صغيرة أو كبيرة تهدد أمن الوطن سواء في نظامه أو مكتسباته؟. رابعاً: ألا يذكر العبيكان أن الدولة السعودية قد واجهت الكثير من التحديات الكبرى ومن دول ومنظمات ومن الداخل ومن الخارج وأن تلك التحديات قد سقطت في مهدها. وإذا كان الشيخ العبيكان يرى ما لا يراه أحد ولم يتمكن من لقاء خادم الحرمين : فلماذا لم يتوجه لمقابلة سمو ولي العهد ورجل الأمن الأول الأمير نايف بن عبدالعزيز. خاصة وقد تحدث عن أمور تهدد أمن الدولة والوطن وثوابت العقيدة؟ أم ان المستشار عبدالمحسن العبيكان أراد أن يعلِّق الجرس لخدمة خطاب آخر يؤجج للفتنة. ويفتح عليه باب سؤال يقول: بتلك الحلقات من لغة الحوار وما جاء فيها: هل تحولت إلى مستشار لمن؟. [email protected] Twitter:@NasserALShehry