أثار القرار المصري بإلغاء صفقة بيع الغاز لإسرائيل ردودًا كبيرة في الكيان الصهيوني، حيث إن هناك إجماعًا على أن الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا، وتجسيدًا للتنبؤات السوداوية التي راجت في تل أبيب في أعقاب تفجر الثورة المصرية.صحيح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حصر الدوافع التي حدت بالجانب المصري لاتخاذ القرار في الخلاف التجاري بين مصر والشركة الموردة للغاز، لكن سلوك نتنياهو هذا هدف بشكل أساسي إلى منع مزيد من التدهور في العلاقات مع مصر، والدليل على ذلك أن الحكومة التي يرأسها نتنياهو تعاملت مع القرار ببالغ الأهمية، وأصبحت تعمل على أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة تداعياته المختلفة على الصعد الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية. بل إن الحكومة الإسرائيلية ألمحت إلى أنها قد تطلب من الولاياتالمتحدة تفعيل العمل باتفاقية "الكويز" للعام 2004 والتي وقعت عليها مصر وإسرائيل والولاياتالمتحدة، وهي الاتفاقية التي التزمت فيها الولاياتالمتحدة بإعفاء البضائع المصرية من الضرائب، إذا كان 10 بالمئة من مركباتها تم استيرادها من إسرائيل. ويعني هذا أن الحكومة الإسرائيلية ستطالب إدارة أوباما بالتوقف عن إعفاء المنتوجات المصرية. في الوقت نفسه، فإن هناك في إسرائيل من ذكر صناع القرار في القاهرة بأن الولاياتالمتحدة التي ضمنت اتفاقية "كامب ديفيد" لن تتردد في وقف المساعدات الأمريكية التي يبلغ حجمها ملياري دولار إذا تم المس بهذه الاتفاقية. إن الشهادة التي يقدمها وزير البنى التحتية الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن إليعازر، الذي وقع اتفاقية الغاز عن الجانب الإسرائيلي، ويعتبر مهندس العلاقات مع نظام مبارك، بشأن دلالات إلغاء صفقة بيع الغاز، بالغة الأهمية. ويقول بن إليعازر إن العلاقات بين مصر وإسرائيل بعد إلغاء الصفقة انتقلت إلى مسار آخر تمامًا. وهو يرى أن إلغاء الصفقة يمثل طبيعة التحولات التي تمت في مصر، معتبرًا أن هذا القرار يدلل على أن إسرائيل لم يعد بإمكانها الاستفادة من الدور الذي كان يقوم به نظام مبارك والذي تمثل في العمل على استقرار المنطقة العربية بما يخدم المصالح الإسرائيلية.إن أكثر ما يدلل على حجم المأزق الإسرائيلي في أعقاب إلغاء الصفقة، تشديد بن إليعازر على أن تدفق الغاز المصري لإسرائيل كان أهم إنجاز عملي لإسرائيل. اللافت أن القرار المصري جاء في خضم جدل داخلي إسرائيلي بشأن مستقبل العلاقات مع مصر، حيث تبين أن هناك تيارًا قويًا داخل الحكومة الإسرائيلية يقوده وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يدعو إلى التعامل مع مصر بعد الثورة على أساس أنها مصدر خطر يفوق الخطر الذي يمثله البرنامج النووي الإيراني، حيث إن ليبرمان يرى أن الأوضاع على صعيد العلاقات مع مصر ستصبح أكثر خطورة لدرجة تستدعي إعادة بناء الجيش الإسرائيلي من جديد، وضمن ذلك منح الأفضلية لقيادة المنطقة الجنوبية في الجيش، وتشكيل فيلق جديد يضم أربعة ألوية مخصصة للتمركز على الحدود مع مصر، والحرص على تخصيص كل الموازنات اللازمة لذلك.