أكثر من 1000 متطوع ومتطوعة يصممون تشكيلا بشريا لخريطة المملكة بجادة بيشة    غوتيريش: لبنان يجب ألا يصبح «غزة أخرى»    وزير الخارجية يترأس وفد المملكة المشارك في افتتاح أعمال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة    محافظ الزلفي يطلق برنامج نماء وانتماء    أمير القصيم يشيد بجهود أمانة القصيم في تنظيم احتفال اليوم الوطني ال 94    أمانة الشرقية تحتفي ومنسوبيها باليوم الوطني 94    نائب أمير جازان يستقبل وكيل وزارة التعليم للتعليم العام ومنسوبي تعليم جازان    وزير الصناعة والثروة المعدنية يطّلع على أحدث التقنيات المالية في بورصة نيويورك    النائب العام: تتواصل المسيرة بعزيمة راسخة لتحقيق الرؤية    قصف إسرائيلي يغتال رئيس منظومة صواريخ حزب الله    المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة يلتقي مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في نيويورك    اليوان الصيني يرتفع لأعلى مستوى له في 16 شهرا مع تكثيف الصين للتحفيز    مجلس الوزراء: الموافقة على إنشاء 10 كليات أهلية    نائب أمير جازان يرعى حفل أهالي المنطقة باليوم الوطني 94    أطعمة تناولها مجمدة أفضل للصحة    «الصندوق العقاري»: إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي «سكني» لشهر سبتمبر    5 عقود بقيمة تقارب 6 مليارات ريال لرفع جودة الطرق في العاصمة    القيادة تهنئ رئيسة جمهورية ترينيداد وتوباغو والقائد الأعلى للقوات المسلحة بذكرى يوم الجمهورية لبلادها    مباني تعليم جازان تتوشح باللون الأخضر احتفاءً باليوم الوطني السعودي ال94    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الهزيمة أمام الجندل    مصر تؤكد ضرورة التوصل لاتفاق فوري لإطلاق النار بغزة وفتح المعابر    الخميس القادم.. انتهاء مدة تسجيل العقارات ل 8 أحياء في الرياض    تشكيل الإتحاد المتوقع أمام العين    الأسطرلابية.. إرث ملهم للفتيات والعالمات السعوديات    السعودية تشارك في الاجتماع الوزاري لشبكة جلوبل إي "globe network" في الصين    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    بيريرا يزيد أوجاع الاتحاد    وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي نائبة مدير عام المنظمة الدولية للهجرة    اليوم الوطني.. تتويج وبناء    يوم للوطن.. وفخر لأُمة    الكونغرس يتوصل لاتفاق تجنب إغلاق حكومي قبل الانتخابات    " الاحنباس" يرفع حرارة الأرض إلى 3 درجات مئوية    إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي لمعالجة الصور    «هلال نجران» يشارك في احتفالات اليوم الوطني ال 94    نيفيز يغيب عن مواجهة البكيرية    107 جوائز حققتها السعودية في الأولمبيادات الدولية    الوطن.. ليس له ثمن    «طاقة المجد» ختام معرض مشكاة التفاعلي    الشارع الثقافي يتوهج    «بالروح يا صنع الرجال»    «إنسانية المملكة».. ندوة ثقافية بالعلا احتفاءً باليوم الوطني    خيركم تحقق أكبر عدد حافظ للقرآن الكريم بتاريخ المملكة    نائب أمير جازان يشهد فعاليات اليوم الوطني ال 94    « تزييف عميق» لمشاهير الأطباء يهدد حياة المرضى    وصفات تراثية سعودية.. طريقة عمل الجريش السعودي مع الكشنه    علاج جديد للانزلاق الغضروفي بمخاط الأبقار    تألق وتنوع فعاليات ينبع باليوم الوطني السعودي ال 94    اليوم الوطني السعودي.. تسبيح التغيير وابتهالات الثوابت..!    رسالة إلى الأجداد بحق هذا الوطن العظيم    أحمد فتيحي يكتب لكم    ملكٌ على موعدٍ مع التاريخ    اليوم الوطني - وطن استقرار وبناء    فوبيا الشاحنات    د. التميمي: القطاع الصحي في المملكة يشهد تحولاً نوعياً    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    اليوم الوطني 94 (نحلم ونحقق)    بخطى متسارعة.. «غير النفطي السعودي» يتجاوز %4.4    مصادر الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاعلية هي المقياس
نشر في البلاد يوم 21 - 04 - 2012

الفاعلية تمثل الأثر العملي لأفكارنا على أرض الواقع؛ فكل عمل أو قول لا يحقق نتائج عملية تسهم في سبيل نهضة الأمة واستعادة دورها الحضاري فهو فاقد للفاعلية ويدخل في باب اللغو والجدل الذي لا طائل منه.
لقد سمعت أحد الدعاة الأفاضل وهو يحدث الناس عن الجنة وقصورها وحور عينها، ويسرد قصصاً تسمو بالروح إلى عنان السماء وتزيد المؤمن شوقاً إلى لقاء الله حتى يصير حاله كحال عمير بن حمام وهو يود ألا يطول عمره حتى يأكل التمرات. لكنني سألت نفسي: هل يكفي أن نذكر هذه القصص المشوقة وحسب؟؟وما قيمة أن نشحن الناس بكل هذه الطاقة الروحية ثم لا نبصرهم بسبيل إلى توظيفها في عمل إيجابي فعال يعود بالنفع على المجتمع والأمة؟
إن وجود هذه الأشواق الروحية العظيمة في نفوس الشباب مع انعدام الوعي والفقه ربما يعود بآثار عكسية على الأمة، وهذا ما نراه فعلاً في الصومال والعراق وأخواتهما، فتجد شباباً لا تنقصهم الحماسة الدينية والرغبة الصادقة في الجهاد ولكن ينقصهم ترشيد هذا الجهاد .فهم يتحرقون شوقاً للجنة ونعيمها، ويريدون نيلها بأقصر طريق، وفي ظل غياب الفقه يصبح الموت هدفاً لذاته دون إفادة الأمة في شيء فيبحثون عن أول سوق أو متجر أو مركز شرطة ليفجروا أنفسهم تعجلاً للجنة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً..إن الحديث عن الجنة حتى يكون فاعلاً لا مدمراً فإنه يجب أن يأتي في سياق فاعل،وهذا هو منهج القرآن الكريم فلا تجد آيةً تتحدث عن الجنة إلا وتربط هذا الحديث بذكر عدد من الأعمال الصالحة.
إن الفاعلية تعني أن نوجه هذه العواطف المتقدة في نفوس الشباب في عمل إيجابي، فيثمر الإيمان بالآخرة صلاحاً في الدنيا، وما أجمل الكلمة التي قالها الشهيد إبراهيم المقادمة رحمه الله: إننا بحاجة إلى السياسي الذي يعيش بروح الاستشهادي..فالسياسي وحده ربما يغلبه الهوى ويسلك طريق الفساد والمصالح الشخصية، والإستشهادي وحده يموت دون أن ينتفع الناس به.لكن المزج بينهما ينتج عملاً مبدعاً متقناً..والقرآن الكريم بأكمله هو كتاب يدعو للفاعلية
فهو كتاب عملي يذم الانشغال بالقضايا الجدلية التي لا أثر لها في أرض الواقع "فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهراً"،
وحين كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم في قضايا لا يبنى عليها عمل كان القرآن يتجاهل الإجابة التي يتوقعونها ويجيب في اتجاه آخر أكثر نفعاً وعمليةً وهو ما يسمى بأسلوب الحكيم.من ذلك قوله تعالى "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ". فالسؤال كان ماذا ينفقون لكن القرآن أجاب عن مواطن الإنفاق، لأنه لا قيمة للنفقات إن لم توجه إلى وجهتها الصحيحة، ومن معالم فاعلية القرآن أسلوب التجريد وهو من الخصائص العظيمة التي تميزه عن غيره من الكتب، فهو كتاب غير محشو بالتفاصيل الظرفية ولكنه يركز دائماً على موطن العبرة والاتعاظ، والتركيز على موطن العبرة والعمل هو بالضبط فكرة الفاعلية. لكن المسلمين يسيرون في اتجاه معاكس تماماً لمراد القرآن فيتركون الدروس العملية التي يتضمنها القرآن ويركزون جهدهم في الجدل في اسم الشخص أو القرية أو التاريخ الذي يتحدث عنه القرآن، وفي ذلك تجريد للقرآن من فاعليته، فالقرآن يتعمد تجاهل هذه التفاصيل حتى يقدم لنا منهجاً عاماً يصلح للتطبيق في كل الحالات والأوقات..
فكرة الفاعلية نجدها في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً حين سأله رجل: متى الساعة ؟؟ فكان رده : وماذا أعددت لها ؟؟، فالمهم هو العمل والإنجاز.
لقد انتبه فقهاء المسلمين رحمهم الله إلى فكرة الفاعلية، فكرهوا الأسئلة الافتراضية الخيالية، ولم يكن أحدهم يجيب عن السؤال إلا إذا وقع فعلاً وأطلقوا على من يشغل نفسه بالأسئلة المنفصلة عن الواقع ب "الأرأيتيون
نسبة إلى "أرأيت" التي تكثر من افتراض حالات غير واقعية..
وهذا يعني أن وظيفة الفكر هي أن يجيب على التحديات العملية الواقعية، وأن ينبع ابتداءً من الواقع ويصب في خدمة الواقع..
أما أن يكون الناس وهمومهم وقضاياهم في واد، والمفكرون في واد آخر فهذا لون من ألوان الترف، فوظيفة المفكر هي أن يبحث عن إجابات لهموم الناس الملحة، وأن يقدم لهم أفكاراً نهضويةً قابلةً للتطبيق لا أن يكون في برج عاجي أو مكتب مكيف يثير مسائل جدلية وأفكاراً نظريةً لا تهم الناس.
إن الأمم والمجتمعات لا تتقدم إلا بالفكر الفاعل النهضوي الحضاري، أما الانشغال بالكلام النظري والمسائل التي تجاوزها الزمن فإنه ينشئ أمةً منسلخةً عن الواقع والحضارة ليس لها أي إسهام في خدمة البشرية وهذا هو حال أمتنا اليوم مع الأسف الشديد.
من مظاهر غياب الفاعلية في واقع أمتنا الانشغال بالقضايا التاريخية التي تجاوزها الزمن فتجد من الناس من لا يزال جامداً في عصور قد خلت ويناقش أحداثاً شبع أصحابها موتاً وأفضوا إلى ما قدموا، ولم يعد مهماً معرفة من كان منهم محقاً ومن كان مبطلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.