"باعة متجولون" هي صفة تطلق على أولئك الذين يقومون بعرض بضائعهم في الطرقات وبعيداً عن الأماكن المرخصة لمزاولة مهنة البيع، ولأنَ الوضع لا يتطلب أموالاً تدفع لاستئجار محل وسداد فواتير خدمات وصرف رواتب عاملين وفي ظل ضعف أداء الجهات الرقابية المختصة أخذت هذه الظاهرة في الانتشار بشكل كبير في مدينة جدة، فعند إشارات المرور الضوئية مثلاً، أصبح من المألوف أن يشاهد سكان جدة باعة متجولين يبيعون بضاعات غير معلوم مصدرها وغير معروف جودتها. يحدث هذا أيضاً أمام المساجد والمدارس والمباني الحكومية على شكل ظاهرة باتت تسبب أرقاً على سكان جدة وتضاف إلى مشاكل أخرى باتوا يتعايشون معها مع مرور الوقت مثل الازدحام المروري وانتشار الحفر والمطبات في الشوارع وداخل الأحياء وشح المياه وسوء الصرف الصحي وغيرها من المنغصات التي تكدر حياتهم اليومية. هؤلاء الباعة يجوبون الشوارع بصورة غير نظامية ويعرضون بضائع رخيصة بعضها قد يكون تالفاً ومنتهي الصلاحية ومعظمها مجهولة المصدر ولا تخضع للرقابة الصحية وتشكل خطراً على الصحة العامة ومع ذلك يلقون إقبالاً من بعض الفئات التي تهتم برخص الأسعار أكثر من اهتمامها بجودة البضاعة. ورغم تقديرنا لما نقرأه في الصحف من قيام منسوبي الأمانة والجوازات ومكافحة التسول بالحملات التفتيشية اللازمة حرصاً على صحة المواطن والمقيم ونظافة البيئة وحفاظاً على الصورة الحضارية لثاني أكبر مدن المملكة، إلا أن ما نشاهده على الواقع لا يطابق ذلك فأعداد الباعة المتجولين في جدة في ازدياد واضح وفي منافسة قوية مع أعداد المتسولين والمتسولات. نلحظ ذلك عند وقوف السيارات أمام إشارات المرور الضوئية، حينها يداهم الباعة المتجولون السيارات وبشكل يهدد السلامة المرورية ولا يتهاونون في طرق نوافذ السيارات يرجون من ركابها شراء بضاعتهم مثل الورود والألعاب الصغيرة والاكسسوارات وهي مجهولة المصدر ولا تخضع لأي اشتراطات صحية غير عابئين بالضرر الذي سيحيق بمن يشتريها. وعند أبواب المساجد والمدارس وفي الطرقات العامة تنتشر بسطات الخضروات والفواكه وأغلب أصحابها مخالفون لنظم الإقامة وبالتالي لا يخضعون للضوابط الصحية التي توجبها الجهات الصحية المسؤولة للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية، ومعظم هؤلاء لا يكترثون لطريقة تخزين وعرض بضائعهم المعرضة للشمس والأتربة وعوادم السيارات وجميعها عوامل تؤثر سلبياً في شكل ومذاق تلك البضائع وتسرع في انتهاء صلاحيتها. وعلى شواطئ جدة يتمركز أطفال "ذكوراً وأناثاً" على أرصفة شوارعها بلا هوية نظامية يبيعون سلعاً مشبوهة ومجهولة المصدر وهي في الغالب غير آمنة ومعرضة للتلوث، يحدث هذا بصورة يومية في منظر يخزي الوجهة السياحية لمدينة جدة ويزداد نشاطهم في إجازة نهاية الأسبوع وفي الإجازات الطويلة والأعياد وعلى مرأى من الجميع. ولأن الوضع تفاقم وبات انتشار الباعة المتجولين في داخل جدة أمراً مألوفاً ومزعجاً للكثير من المواطنين والسياح، فإنّ الأمل كبير في أن تفعل الجهات الرقابية المختصة دورها في وضع حلول عاجلة وجذرية والتنسيق مع وسائل الإعلام على تكثيف الجانب التوعوي للمواطنين والمقيمين من المخاطر التي تنتج من الشراء من هذه الفئة المخالفة، وأن تقوم محافظة جدة أو إمارة منطقة مكةالمكرمة بمراقبة أداء هذه الجهات مباشرة ووضع استراتيجية واضحة وبجدول زمني معقول يضمن القضاء على هذه الظاهرة حرصاً على سلامة ساكني وزوار عروس البحر الأحمر وحفاظاً على المظهر الحضاري لها.