إذا كانت هناك احصائيات عن أكثر الدول الإسلامية التي تمارس فيها صلاة الجماعة وزيارة المساجد لاحتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى، وهذه ولله الحمد سمة رائعة يتميز بها المجتمع السعودي ويشهد بها كل من يزور المملكة. جمالية هذه السمة يشوبها ضعف عنايتنا بمعظم المساجد وسوء نظافة المرافق التابعة لها وهذا ينطبق أيضاً على أغلب أماكن الصلاة الموجودة في المباني الحكومية والمراكز العامَة. سوء العناية بالمساجد ومرافقها يظهر جلياً على المساجد المنتشرة على طول وعرض المملكة بما فيها تلك التي تتوزع على طول الطريق السريع الذي يربط بين أطهر بقعتين وهما مكةالمكرمة والمدينة المنوَرة وهذا للأسف يعكس صورة سيئة عن المملكة مهبط الوحي وبلاد الحرمين والتي يقصدها الزوار وملايين الحجاج والمعتمرين. سوء وضع تلك المساجد قد يسكب في عقل من يشاهدها أن البلد يعيش الفوضى وعدم النظافة. وإذا كانت أغلب المساجد داخل المدن تتميز بحسن ترتيبها من الداخل حيث السجاجيد والمفارش النظيفة والرائحة الزكية إلا أن مرافقها تظل غير مكملة للصورة المطلوبة التي يجب أن تكون عليها بيوت الله، فإذا كنت قاصداً المسجد وأنت غير متوضئ فلا بد لك من دخول دورات المياه الملحقة بالمسجد ورؤية القذارة داخل الحمامات واستنشاق بعض الروائح الكريهة ولن تستخدم سائل الصابون لعدم وجوده أصلاً حتى يخيل لك أنك موجود داخل بيئة خصبة لتكاثر الجراثيم والميكروبات وقد أصبحت عنصراً فاعلاً لنقل الأمراض. وعند دخولك إلى المسجد ستجد الأحذية متناثرة وخارجة عن حدود الذوق العام رغم وجود أماكن مخصصة عند مدخل المسجد لوضع الأحذية ورغم معرفة المصلين بأن "إماطة الأذى عن الطريق صدقة" فما بالنا ونحن نتحدث عن مدخل المسجد، ولقلة المواقف حول المسجد تجد فجأة من يسد سيارته على سيارات الآخرين أملا ً في اللحاق بالصلاة حتى وإن تأذى أحد المصلين من عشوائية الأحذية ومواقف السيارات في مظهر غير حضاري لا يتفق مع آداب الذهاب والدخول إلى المسجد ولا يمثل الصورة الروحانية المطلوبة أمام أحد بيوت الله، وقد لا ينافس ذلك المشهد إلا تدافع المصلين للخروج من باب المسجد وقت الانتهاء من صلاة الجمعة وكأنهم "مغصوبين" على الصلاة بدلاً من أن يؤدوا تلك الشعيرة الإيمانية العظيمة في هدوء وطمأنينة. وفي ازدواجية غريبة لا توازي أبداً سوء نظافة حمَامات المسجد وتناثر الأحذية والربكة المرورية خارج المسجد، يصطف المصلون وقت الصلاة في وضع جماعي متناسق وجميل يحفه الهدوء والسكينة، وقد يكون ذلك دلالة على أن صلواتنا وعباداتنا لا تسهم في تهذيب سلوكياتنا طالما أن كل هذا التناقض يحدث في إحدى بيوت الله. المساجد هي بيوت الله ومهابط الملائكة وهي أحب البقاع إلى الله سبحانه وتعالى، وقد قال جل شأنه (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ". وكما يشرح المفسرون فإن رفع المساجد يكون بتطهيرها، والاهتمام بنظافتها، واحترام آداب الدخول والخروج منها، وعدم أذية روادها. ما نلحظه على الواقع يؤكد احتياج أغلب مساجدنا لاهتمام وعلاج سريع من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والجهات الحكومية المعنية الأخرى، ويجب على من يرتادها أن يحترم آدابها ولا يساويها بغيرها من الأماكن ففيها تتنزل الرحمات وتهبط الملائكة وتحل الطمأنينة والخشوع.