لا تزال ذاكرة أهالي جدة مثقلة بذكرى فاجعتهم في كارثة السيول التي أكلت الأخضر واليابس والتهمت العديد من الأرواح التي راحت ضحيتها وحتى الآن لم يعاقب المتسببون في ذلك ! وقد فاجأ القضاء الرأي العام بعد سنوات من التحقيق بصدور الحكم الأولي على أحد المتورطين في "كارثة جدة" بسجن لمدة عام (مع وقف التنفيذ) لكبر سنه حيث إنه رجل "خمسيني" , مع غرامة مالية قدرها (ألف ريال فقط لا غير) ! و قد أعفاه وأنقذه كبر سنه من تنفيذ العقوبه التي يستحقها ويستحقها كذلك كل متسبب في استشهاد عدد كبير من ضحايا الفساد "الأبرياء" الذين لا ذنب لهم غير انهم تواجدوا في موقع الحدث ساعة حلول الكارثة وانجراف السيول ! والحكم قد أثار الرأي العام الذي رأوه بأنه غير عادل أو منصف ولابد من إعادة النظر فيه , فكيف يعفى رجل تسبب ومن معه من المفسدين بإزهاق أرواح بريئة ويحكم عليه بالسجن ولا ينفذ هذا القرار أو الحكم رأفةً ورحمةً به وبسنه وبأفراد عائلته! ألم يكن رجل أو امرأة في مثل عمره ضمن الضحايا ؟ أم أن السيول قد ابتلعت فئات عمرية محددة فقط ! فلماذا لا نرحم ونترحم على المتوفين منهم , وندعو لأهليهم وذويهم بالصبر و بالسلوان ونعدهم بإحقاق الحق وإرساء العدل كما أمر مليكنا دون أي اقصاءات أو استثناءات فكل نفس بما كسبت رهينة. وكما قال سيد الخلق : " رفع القلم عن ثلاثه , النائم حتى يستيقظ , وعن الصبي حتى يبلغ , وعن المجنون حتى يعقل ". وهنا الاستثناءات دامغة وواضحة وصريحة لم يذكر من بينها المفسد حتى يتجاوز الخمسين ! أرى أن القضاء حتى الآن لم ينصف أو يقتص لأهالي الشهداء ذنب المفسدين في الأرض دون أي اعتبار أو رحمة بهم وبشعورهم وفقدهم لأحبائهم. وبكل أسف وأسى فتح ملف كارثة جدة وصدر الحكم الأول مخيباً للآمال,وقد كنا نأمل ونتوقع أن تكون العقوبة رادعة وشافية أو مخففة -إن صح التعبير- لجراح وآلام أهالي الشهداء الذي أجزم بأن كل قطرة مطر تفرحنا سوف تلامس جراحهم مرة أخرى. فالحكم بالسجن "مع وقف التنفيذ" , كالكرت الأصفر الذي يمنح للاعبين , هو مجرد انذار وبعدها يواصل اللعب وكأن شيئاً لم يكن ! والغرامة المالية لا تقصم الظهر ولا ترجح كفتها إلى جانب الملايين المسروقة من العابثين المفسدين الذين خانوا الأمانات وباعوا ضمائرهم من أجلها , وماهي إلا أقل من قيمة فواتير هواتفنا النقالة و مرتبات العاملين في منازلنا. اييييه ... "يجيب الله مطر". rzamka@ [email protected]