كنت أحس حينما تقتلع طوبة أو حجر وتُطرح بالأرض كأنما تقتلع من جسمي وكياني وتنتزع انتزاعاً... وأشفقت على نفسي أن أمر في هذه الآونة لأرى تساقط هذه الحجار وذوبان البيت أو تلاشي هذا البناء الذي ضم أباً وأماً وأبناءً وبنات صغاراً... وبدون أن أحس التفت إلى المجلس الكبير... اُنتشلت الجدران الأربع من حوله وأصبحت أرضه يبابا جزءاً من الأرض العائدة للبيت... وسرحتْ بي الأفكار... أين هم من كانوا يملأون هذا البيت ؟... كلهم قد ذهبوا إلى الجوار الكريم... أبو توفيق، عبدالله ناظر، عبدالله الدخيل، عبدالجليل عبدالجواد ، السيد علي عامر، أبو أحمد أخي الشقيق عبدالله، حامد نقادي، عبدالله العيسى، أبو ياسر عبدالوهاب العيسى، محمد علي الشويهي وأضعاف هؤلاء... لا أضع أسماءهم حتى لا أثير أحزاناً أو أضاعف هذه الأحزان... تمنيت لو تمهلت في الهدم وترويت... فالهدم بسرعة ينتهي ويزول البناء... ولكن البناء يظل زمناً بين تمهيد ومراجعات عديدة مع الجهة المسؤولة ... قد تعطيك التصريح ولكن كل شيء يسير ببطيء وعلى مهل... لست أدري لماذا عوامل الفناء تسير بسرعة وعلى عجل، وأسباب العمار تتلكأ وتترنح ذات اليمين وذات الشمال فإما تتواصل المسيرة وإما تسقط في الطريق لتلغي فكرة البناء... وكثيراً ما انهارت أفكار كانت ترمي للإصلاح والعيش والحياة، ولترك ثروة لأولاد وبنات وأطفال... ((إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس)) أو كما قال سيدي رسول الله صلوات عليه من الله.. ولكن الإنسان يصطدم بهوى أو بغرض دون حياء أو خوف من الله... يتحتم قيام رقابة مخلصة تجول في المكاتب ليصطادوا المعوقين وأصحاب المطامع والأغراض وحسبنا الله ...