يعد أدب الأطفال ضرورة وطنية وقومية وشرطا لازما من شروط التنمية الثقافية المنشورة في عقدها الدولي بل إن أي تنمية ثقافية تتجاهل أدب الأطفال أو تهمله ناقصة وتفتقر لجذورها وذلك لأسباب تتعلق بطبيعة التكوين المعرفي والتربوي للإنسان وأدب الأطفال سبيل لا غنى عنه لتسريع عملية التنمية الثقافية والاجتماعية مما يتطلب المزيد من الجهد لتأهيل أدب الأطفال وتدعيمه في التربية والمجتمع في مختلف المؤسسات ولا تتوقف هذه الجهود عند نشر كتاب أو بث برنامج إذاعي بل تحتاج إلى تخطيط قومي شامل في صلب التخطيط القومي للثقافة العربية يراعي خصوصاً أدب الأطفال وينهض بمسؤولية على أنه ادخار في كسب الحياة العربية. ولأدب الأطفال طابعه التربوي والقومي والشعري والإيديولوجي لمواجهة الغزو الثقافي والإعلامي الاستعماري ولهذا وبرغم الحديث عن الضرورة الوطنية والقومية لأدب الأطفال فقد أغفلت أهمية أدب الأطفال في الوطن العربي ومازال الكثير منهم يتعرفون على مخاطبة الناشئة في أدب يساعد على إنماء جماهير الأطفال الواسعة بما تمليه اعتبارات هذه المخاطبة التربوية والفنية بل إن كثيرين يرون خيراً في ممارسة هذا الخطاب. وقد يبدو أدب الأطفال سهلاً لكنه في الحقيقة على درجة عالية من الحساسية والأهمية بما ينبغي ترجمة الأفكار إلى مواضيع ذات صبغة طفولية بفهمها الأطفال وذلك من أجل إيصال هدف معين لهم. فالأطفال يمتلكون مساحة ضيقة من الانتباه وغالباً ما تكون قدرتهم اللغوية ضعيفة لذا ينبغي مراعاة المستويات والحاجات والخصائص الطفولية من خلال الإنتاجات الأدبية المقدمة لهؤلاء الأطفال لذا يتوجب على الكاتب في أدب الأطفال استخدام الأسلوب المحبب لاسيما أن هذا الأدب من الفنون الصعبة ويجب أن يتسم بالبساطة في الكتابة واللفظ والمعنى وأدب الأطفال ليس لمجرد التوضيح والاستنارة، ولكنه زيادة على ذلك يكشف للأطفال سر الجمال والحقيقة، كما أنه ليس لمجرد أن يشرح الإنسان به نفسه لنفسه، ولكنه بالإضافة إلى ذلك يمكن الأطفال من أن يقبلوا الحياة كما هي وأن يعيشوها إلى أبعد أعماقها. إن أدب الأطفال يقوم بدور مهم في إثراء لغة الطفل، واللغة وثيقة الصلة بالتفكير. وتقوم القصص والمسرحيات والأغاني والأناشيد، وغيرها من ألوان الإنتاج الأدبي، بدعم القيم والصفات اللازمة لعمليات التفكير الإبداعي والابتكاري، مثل: دقة الملاحظة، والصبر والمثابرة، والتفكير الجاد المستمر، وتنمية الخيال، والتفكير الناقد ... إلخ. وألوان الإنتاج الأدبي المقدم للأطفال تصل إلى دعم هذه الصفات والقيم الإيجابية بوسائل شديدة الفعالية، مثل: التقليد والقدوة، الاستهواء (وهو تقبل آراء الآخرين ممن يعجب بهم الطفل ويقدرهم من غير نقد أو مناقشة)، والانطباعات، والاندماج، والتعاطف الدرامي، والتقمص، وغيرها.