في بريطانيا إستقالت مديرة مدرسة لهروب طالب من مدرستها, وبررت استقالتها بأن هروب الطالب من بيت العلم الذي تديره يدل على تقصيرها في القيام بمهمتها وفشلها في جعل المدرسة مكانا يلجأ له الطالب عوضا عن الهروب منه , ثقافة إستقالة المسؤولين هي شيء غريب بالنسبة لنا, فنحن نعلم أنه لا يمكن التفريق بين مسؤول وكرسيه إلا بأحد خطابات «بناء على طلبه» ولو «تطربقت»الدنيا فوق رأس المصلحة التي يرأسها ومن يستفيد منها. منظور المنصب لدينا منظور تملكي إستحقاقي شخصي لا يمكن أن يدخل يوما في خياراتنا إتجاهه أننتركه فقط لأننا لا نستطيع, أو لأننا أخفقنا «وجبنا العيد». لذلك تجدالمسؤول يدافع بإستماته عن أخطاءه ويبررها ويلقى باللوم يمنة ويسرة بعيداعن شخصه الكريم, في محاولة لرسم صورة «المعصوم عن الخطأ» حضرة جنابه , وكأنه يقول لست ببشر, وإن حدث يوما وأحس أنه في موقف محرج, امسك أقربشخص إليه وقبل رأسه قبلة لا داعي لها أمام الكاميرا وهو يظن أن كل شيء تم إصلاحه و لسان حال الشارع يقول «ماينسينا الخطا حب الخشوم». تساؤل بريء, لماذا يمكن في أمريكا وهي أقوى دولة في العالم أن يخنعرئيسها والقائد الاعلى للقوات المسلحة ويظهر على شاشة التلفاز أمام الملايين ليبكي ويعتذر عن خطأ «شخصي بحت» قام به بالرغم من أن الدولة في عصره عاشت فترة من أفضل فترات الإزدهار الإقتصادي, بينما هنا لا يمكنناأن نجعل حتى مدير إدارة أو زير وزارة أن يقول «فعلا لقد أخفقنا» حتى لوكان الخطأ فادحا وفي صميم عمله أو حتى لو كلف البعض حياتهم والدولة مئات الملايين. تساؤل آخر, بالنظر لكل هذه المشاكل الإدارية التي نشاهدها يوميا وكل المشاريع التي نلمس الفساد فيها دون حتى بذل جهد لكشفها, لماذا لا يزال هناك مسؤولون ينكرون وجود ذلك الفيل الأبيض في الغرفة ويستخفون بعقلوناويظنون أننا اليوم كما كنا بالأمس؟ رسالة بسيطة لكل مسؤول, عزيزي, نعم انت تعمل لدينا ونحن نطالبك إما ان تقوم بعملك, أو أن تتفضل غير مأسوف عليك ودع المكان لغيرك ليقوم بالعمل. msarrar@twitter