أكبر تجمع في العالم يتم تواجده هذه الأيام في الرحاب المقدسة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وذروته في أيام الحج المعدودات، منذ اليوم الثامن من شهر ذي الحجة يوم التروية، وانتهاء بيوم الثالث عشر من ذات الشهر، حينما تخلو منى من روادها، وهذا التجمع إنما يتم من أجل اداء فريضة تعبدية هي الركن الخامس من اركان الاسلام، يبذل فيها المسلم كل ألوان العبادة الممكنة من ذكر الله وسياحة في الارض وصلاة وصدقة وصوم، وبذل الجهد والمال، وهي تجري خلال أيام معدودة يتجرد فيها العبد من كل ما قد يربطه ببهرج الحياة الدنيا، يتخفف حتى مما اعتاد ان يلبسه، ويتساوى مع اخوانه المسلمين، كلهم يرتدون رداءً متشابهاً يتفرغ للعبادة، ولا يشغله عنها شاغل، وهي العبادة التي ان أداها كما أوجبها الله رجع منها كما ولدته امه، قد غفر الله له كل ذنوبه، فعاد نقياً طاهراً، وعليه ان يحافظ على هذا النقاء ما أمكنه ذلك، فالحج الفرصة العظمى في حياته التي لا تتكرر،لذا فربنا عز وجل يقول «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب». فالنهي فيه عن كل معصية جازم، فلا رفث فيه وهو من باب التجرد عن حاجات الدنيا، فحتى قضاء الشهوة المباح بالاقتراب من الزوجة يمتنع فيه، والفسوق بإتيان كبائر المعاصي لا يمكن تصور اتيانها مع التلبس بأعماله، وحتى الجدل والمراء فيه ممنوع، إنه تمام الانضباط من المسلم اثناء تأديه هذه المناسك، فها يتصور عاقل أن يكون فيه شغب أو مظاهرات تحت اي مبرر، اما استهداف التجمع فيه بعنف فهذا من اكبر الموبقات، ومواسم الحج في أراضي هذه البلاد التي قدسها ربنا تتم فيه كل عام في أمن وأمان، يحرص عليه قادة هذا الوطن ومواطنوه، وهم لتوفيره لحجاج بيت الله يبذلون الغالي والنفس، المال والجهد وبذل الروح ان دعت الحاجة، فهم يرحبون بضيوف الله من اخوانهم المسلمين، ولكنهم حتماً لا يرتضون منهم شيئاً يخل بأمن هذا التجمع الكبير، لانهم يعلمون ان استهدافه بشغب واضطراب او عنف ينتج عنه كارثة، وحينما يحذرون منه فهم جادون في منعه بكل الوسائل الممكنة، فهل يدرك الجميع ذلك هو ما نرجو والله ولي التوفيق. [email protected] ص.ب: 35485 جدة 21488 فاكس 6407043