يعج تاريخ الأمم قاطبة بصفحات يخجلون منها الآن وتصف كيف كانت المرأة في حياة تلك الشعوب ، قد تكون مصادفة أو لا أن أكثر الشعوب ظلماً للمرأة هي الشعوب التي قطنت عواصم العالم القديم ، سواء في الشرق الأوسط أو أوروبا ، ففي الوقت الذي كان كهنوت أوروبا يجتمعون ليقرروا هل المرأة تملك روحاً كالرجل أم لا كدليل على أنهم كانوا يعانون من مشاكل عنصرية بدأت تشكك حتى في إنسانسيتها. قد يصدم الكثير في عالمنا لو علموا أن النساء لا يزلن يقاتلن بشراسة في أكثر دول العالم تقدماً ويحاولن التملص من قبضة الرجل ، والذي ما إن تعلم أن القوة لم تعد وسيلة للسيطرة على المرأة توجه إلى طريقة أكثر ذكاء وحنكة ، توفر عليه عناء المقاومة ، وتحقق نتائج أفضل وأطول تأثيراً ، فعندما ادرك الرجل انه لا يستطيع حبس المرأة في بيتها ، قرر أن يحبسها في جسمها وشكلها وأنوثتها ، فصنع صورة خيالية للمرأة المثالية وجعلها أحد شروط النجاح في عالم الرجل الذي احتله على مر القرون ، النتائج كانت مذهلة فالنساء انشغلن بأوزانهن وأشكالهن ونسين عالم الرجل وما به ، وبدلاً من أن تكون المرأة حبيسة قبضة الرجل أصبحت حبيسة عينه. في جزئنا هذا من الأرض كل امرأة تخوض شكلاً من أشكال الحرب على مستويات مختلفة ، هناك من تحارب من أجل الاستقلالية ، هناك من تحارب من أجل الزواج حتى أن هناك من تحارب من أجل "الطلاق" ، مثلاً يحاول الرجل إحكام قبضته على المرأة حتى لو كرهها ، فهي مسألة سجال تاريخي يقف وراءه كل الرجال ، وإن استطاعت المرأة "خلع" نفسها من الرجل ببساطة فذلك إعلان عن سقوط جدار برلين الجنسين ، واحتراق أحد أوراق الضغط على المرأة ، ورقة "طلاقها". ليست المسألة مسألة حقوق فقط ، بل هي منظومة معتقدات تشكلت عبر التاريخ ، ومنظور وشكل حشرت فيه المرأة قسراً ، حتى أن نساء بعض المجتمعات يقلبن وجوههن في السماء بحثاً عن سبب ، أو تعليل .. وأطلب منهن أن لا يفعلن ، فليس هناك سبب أو منطق ، هناك فقط نفس السلطة الذكورية التي عانت منها نساء العالم على مر العصور ، فرجالكن يخافون استقلاليتكن أكثر من خوفهم من جميع أخطار العالم ، وأهوال الحروب ، وأعتى الرجال ، لن تجدن تبريراً أو تفسيراً لما يحدث غير بشريتكن التي لم نقتنع بها.