لم يكن للملك الراحل المؤسس عبد العزيز آل سعود- طيب الله ثراه- أن يقيم هذه الدولة الكبيرة على أسس صلبة دون إيمان قوي بأهمية الجانب الإنساني والعمل الخيري كأحد الأركان الرئيسة لبناء دولة قوية حديثة، من خلال وازع ديني ينطلق من معتقده الإسلامي القائم على حسن المعاملة والجوار، ووازع سياسي لقائد مخضرم يقيم دولة كبرى بفكر عصري، ووازع ثالث إنساني كرجل نشأ في أرض الحجاز المليئة بكنور وخيرات الأرض. ولم يكن لأبنائه من بعده إلا أن يسلكوا دربه وينهجوا نهجه ليس من قبيل الالتزام بما قامت عليه المملكة الحديثة من أسس ومبادئ فحسب، ولكن انطلاقا من نفس القيم الإيمانية التي درج عليه الملك المؤسس وتربى عليها بنوه حال حياته ونهلوا منها. ولم يكن- من ثم- لدولة كهذه إلا أن تنهض وترتقي وتسمو مكانتها محليا وعالميا، من خلال اهتمامها بدعم أبنائها المواطنين وتلبية احتياجاتهم لا سيما الفقراء والمحتاجين حرصا منها على أن يكون المواطن السعودي ذا مكانة مرموقة وصورة مشرفة بين أقرانه في مختلف دول العالم. كما أنها لم تنس الفقراء والمحتاجين من أبناء الدول الأخرى. فقد ساعد الملك المؤسس- رحمه الله- على مد يد العون لذوي الحاجة في الدول الأخرى عربية أو إسلامية أو أجنبية، ولم يغب هذا المنهج عن خَلَفه من بعده حتى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. وسيظل التاريخ شاهدا على ذلك أبد الدهر، لتسطر المملكة بأحرف من نور من خلال هذا الصرح الإنساني العظيم صفحات خالدة في تاريخ العمل الإنساني تتوارثه الأجيال عاما بعد عام في كل مكان، ليكون لها عظيم الأثر في إرثاء قيم الخير وروح التعاون بين مختلف الأجناس حتى تسود روح المحبة والإخاء وتندثر نزعات التعصب وحب الذات في ظل مظاهر التقارب الحديثة بين الدول.