وردت إلينا ولم يعد يخفى شيء على البشر الآن أخبار عن ثري سعودي شهم جواد كريم بار... إلخ، تبرع في هذه الأيام المباركة بعشرة ملايين دولار أمريكي لأحد المعاهد الأمريكية العاملة في مجال زرع الأعضاء. بارك الله في هذا الرجل، الذي تحرك بداخله وازع إنساني، أقلقه وأزعجه وجعله يبادر بهذا التبرع السخي، من أجل زرع كبد أو كلية أو عين لمواطن أمريكي محتاج، لا يجد رعاية صحية في بلاده، ويحتاج إلى مد يد العون. ولكن هذا المتبرع الشهم السخي، لم يتحرك الوازع الإنساني بداخله في اتجاه إخوة له في الإنسانية أيضا، بل وفي العروبة والدين، في الصومال وما حولها، لكي ينقذ أرواحا كاملة. فقد يمكن للمرء أن يعيش بعين واحدة، أو بيد أو قدم واحدة، بل بكلية واحدة، لكن لا يستطيع الحياة بلا نفس أو روح، وهي من الأشياء التي لا تزرع، ولكنها تحتاج إلى مقومات الحفاظ عليها، كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن. ربما تخيل هذا الثري أن «الأعضاء البيضاء» خير عند الله من الأنفس والأرواح والأجساد السوداء، ومن ثم فهي أحق بالاهتمام، وأولى بالملايين من غيرها. الأقربون أولى بالمعروف، هكذا تعلمنا، بل لقد أرشدنا ديننا إلى أن الصدقة للأقرباء هي صدقة وصلة رحم، فهنالك العديد من أبناء بلدنا في أمس الحاجة إلى إنقاذ حياتهم، بل وكذلك إلى زراعة أعضاء، إلا إذا كان هذا الثري الشهم يعتقد أن بلادنا تخلو من الفقر والفقراء، وهو ما لم يحدث في التاريخ الإنساني. ربما لا يدرك أننا سنحاسب على أموالنا، من أين اكتسبناها، وفيم أنفقناها، وأن في هذه الأموال حقوقا للفقراء من أهل البلد غير الزكاة، وأن كثيرا من الفقهاء رأوا ضرورة إخراج الزكاة في بلد المزكي إلا إذا لم يكن في هذا البلد فقراء. فإن كان قد أخرج هذه الملايين من زكاته، فالأولى بها أهل بلده، وإن كان من غير الزكاة فالأولى بها فقراء المسلمين، ومن هم في حاجة ماسة إلى الطعام والشراب والملبس والمسكن، فمن أحيا نفسا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا، وإحياء النفس هنا يتمثل في درء خطر الموت، أو المرض القاتل، أو الضرر البالغ الذي قد يودي بها. فما سيقول لربه حين يحاسب، ضمن أول ما يحاسب عليه، على ماله؟ وهل سمع عما يحدث في السودان والصومال وغيرهما من مجاعات قتلت مئات الآلاف وما زالت تهدد الملايين؟ ربما لم يسمع بعد عن دول كالصومال والسودان وإريتريا، كسماعه بولايات شيكاغو وواشنطن ونيويورك، بل ربما لا يعرف أن في العالم دولا أخرى غير تلك الدولة التي تستنزف خيرات بلاد المسلمين طوعا أو كرها! فليعلم أن المال فتنة، أي ابتلاء، اختبار، امتحان، وقد يكون المال سببا في دخول صاحبه الجنة، كما قد يكون سببا للزج به في النيران والعياذ بالله. كثيرون منا فتح الله تعالى عليهم أبواب الرزق، منهم من هداه الله إلى حسن استغلال ثرواته، ومنهم من ضل الطريق. لكن المؤكد في اعتقادي أن صاحبنا قد رسب في هذا الاختبار، لكن الفرصة ما زالت قائمة أمامه لدخول دور ثان أو «ملحق» لعله يدرك ما فاته. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة