** كتبت هنا مرتين عن (نظام - ساهر) وهذه هي المرة الثالثة، ولم أتلق رداً، إما يصحح ماقلته إن كان خطأ أو يوافقني إن كان رأيي صواباً، وفي النهاية يكون هنا شيء من حوار ولو مقتضب بين الكاتب والجهة المكتوب عنها، للوصول إلى رؤية واضحة تصنع معدلات معقولة من القناعة بوجهات نظر الطرفين، فتحصل الفائدة، وإلاّ فإن ما نكتبه سيظل سواداً على بياض، وكل طرف يسير في اتجاه خاص لوحده. ** لقد لقت وأكرر الآن أن قيمة المخالفة في نظام ساهر وهي 300 ريال ثم تتضاعف ان لم يحصل السداد بعد شهر لتصل إلى 600 ريال، وهناك مخالفات ب500 ريال تتضاعف حال عدم السداد الى 900 ريال.. اقول ان هذه المبالغ، وهي تقتطع من جيب المواطن والمقيم فيها مبالغة عالية جدا، وكما سمعت في عدة مجالس أنها تكاد تكون عقوبة وعذابا، وليس رادعا ودرساً تربوياً.. ونحن نفهم الفرق بين الاثنين، فإذا اردت تقويم سلوكيات الناس فلا بد ان تكون آليات التقويم ذات صبغة تربوية مقبولة، حتى يتفهمها المجتمع ويباركها ويتعاطف مع مشروعها فتكون اكثر قبولاً، ثم تتحول الى (ثقافة) والى سلوك عام، وهذا هو المطلوب، بل هو عين المقصود. ** واستطيع القول إن قسائم ساهر هذه التي صار يمطر بها السائقون، تحولت الى حالة واضحة من التبرم والغضب الشديدين، بعد ان صارت تقتطع من اقواتهم مبالغ مالية كبيرة، ومنها "ما يقصم الظهر" كما يقال، ومع ذلك لم يتوقف سيل التهور والسرعة - بحسب ما أرى يومياً - وصرت أنا شخصياً أكره السير في طريق الحرمين - الطريق السريع - في شرق جدة، مع انه كان يمكن ان يكون الاسهل والاقرب زمناً بين سكني وعملي، حيث اكابد فيه يوميا حالات شديدة من الخوف من اولئك المتهورين الذين يتجاوزون الخط الاصفر في سرعات عالية، وفي مكان هو بالاصل ليس مخصصاً للسير، فيظل قلبي يرتجف من ان يصطدم احد اولئك المهووسين بالسرعة والمخالفة الصريحة للسير، بالحاجز الخرساني فتحدث كارثة مرورية، ودون ان اجد لنظام ساهر اي اثر واضح في تلك المشاهد التراجيدية اليومية. ** وبعبارة اخرى فإن على القائمين على نظام ساهر ان يعيدوا النظر فيه بالكامل، بحيث تطال مخالفاتهم اكبر عدد من المتهورين، فيتم اراحتنا من اولئك النزقين الذين ازعجونا بسرعاتهم العالية،لا ان يصطاد ساهر كما هو حاله الآن طائفة من العقلاء ومثلهم من الطائشين، واقول العقلاء لأن الواحد من هؤلاء لا يتحكم في ضبط قدومه على دواسة البنزين، فاذا كانت السرعة المحددة 90 كلم فقد يزيدها دون ان يشعر الى 95 كلم وبهذه الزيادة الطفيفة غير المقصودة ينال قسيمة مثل ذاك الذي كان التهور هو اسلوبه اصلاً.. وكذلك ذاك الذي اخبرني انه نال ثلاث قسائم دفعة واحدة في مكان واحد في دقيقة واحدة بمبلغ (1100) ريال في حالة أشبه بالحلم أو بالاساطير.. وكذلك قيمة القسيمة حالياً فهي مرتفعة ب300 ريال وأشد غضاضة تلك صاحبة ال500 ريال ثم تتم مضاعفتها بعد شهر، مع ان هناك حسب ما سمعت فتوى بتحريم مضاعفتها.. وقد كان المطلوب ان تكون القسيمة من الاصل 50 ريالاً لان الهدف هو اشعار المخالف بأنه قد تجاوز النظام، وليس عقوبة وعذاباً ينزل على دماغه، وتزداد حالة الالم عند مضاعفتها طبعاً. ** ويبقى الشيء الذي لم افهمه أن كاميرا ساهر هي في مكان ما حاضرة، وفي عدة اماكن غائبة.. إذاً ما هي استراتيجية صناعة ثقافة مرورية شاملة.. فما الذي يمنع ان تكون بعض الطرقات الخطرة - بالكامل - مرصودة بالكاميرات، مع تحديد السرعة في اطار معقول، بدلاً من ان تكون الكاميرا في جزء صغير من الطريق، اذا وصل أليها السائق أبطأ سرعته، واذا تجاوزها سار بسرعة 140 كلم.. كل ذلك مما نتمنى ان يعاد النظر فيه، لأننا بالاصل ضد التهور، وضد الخروج على انظمة المرور، وكلنا مع (صناعة - ثقافة) مرورية شاملة متكاملة.