** وي كأن الموت هذا الحاضر هو الغائب عن مداركنا لا نشعر به إلا عندما يخطف واحداً منا كأنه يأتي بغتة وتأخذنا الأيام في تلافيفها وهكذا دواليك. ونحن سادرون لنفيق على "مصيبة أخرى". محمد: أيها "العاشق" للحياة يا من تمتلئ حيوية ورغبة في صيرورة الحياة هكذا فجأة تدخل في غياب الأيام وأنت الذي كنت "تدندن" دائماً على "وتر" آبائك الذين طال بهم العمر لأنهم لا يعرفون غير البحر طعاماً وحياة فكان من أسباب بعدهم عن كل المتاعب. ها أنت "تُخطف" من بيننا وأنت في شموخ الرجولة. لن أتحدث اليوم عنك كإنسان تحمِل روحاً وثابة نحو كل ما هو جميل وكل ما هو أصيل، لن أتحدث عنك كإنسان تشعر كل من يلتقيك بأن كل صعوبات الحياة لا شيء، وأن الحياة وردي . آخر مرة رأيتك قبل سفرك كنت أرى انطفاء تلك الرغبة الجامحة للحياة في عينيك رغم ما كنت تشيعه من حولك من تماسك رغم معاناتك مع هذا المرض "اللعين" إنك ذلك الصنو الذي لا أعرف كيف أصفه إلا بصفة واحدة هو الأخ الذي لم تلده أمك. محمد: إن ذلك الشاعر الذي قال ذلك البيت الذي أصبح شائعاً عند كل كريهة، كان يعنيك: الموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجياد ماذا أقول عن تفاصيل مشوارنا الذي قطعناه سوياً في تلك الليالي والأيام الممتدة لأكثر من أربعين عاماً في حواري جدة القديمة وأزقتها التي تزكم أنوفنا رائحة رطوبتها وأنت تشير إلى أماكن محددة هنا لعبنا وهنا تسامرنا.. ياه يا محمد كيف مضى العمر هكذا، إنها وقفات آراها الآن كالحلم الذي مضى، كأن الدنيا ذاتها "حلم" نعيشه، كما قال الإمام علي: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهو. رحمك الله أبا غنوة وأسكنك فسيح جناته.