الفوضى هي عكس النظام، قد تعبر الكلمة في الخاطر، بمجرد اللمحة الأولى لشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي يتردد هذه الأيام في أكثر من دولة عربية.وطبعا يكون هذا الفهم للنظام على انه عكس الفوضى مفهوما ساذجا، فالمقصود به بالطبع السلطة الحاكمة وطريقة الادارة الذي تعمل على أساسه. بينما تقوم نظرية الفوضى الخلاقة على افتراض أن الفوضى ستؤدي الى إيجاد أنظمة جديدة أكثر مواءمة مع متطلبات العولمة وشروط العالم المتجددة في التعددية السياسية والديمقراطية.وهذه النظرية كانت قد انتشرت خلال فترة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، وأوضحتها وزيرة خارجيته كونداليزا رايس حينها معبرة عن وجهة نظر الليبرالية الجديدة التي سادت فترة الجمهوريين. وتم العمل على نشر الفكرة ووضع البرامج لتنفيذها بتركيز كبير على الدول النامية ودول ما يسمى الشرق الأوسط - رغم استثناء اسرائيل- وهكذا بدأ العمل على وضع البذور في المنطقة. والآن تنتثر الفوضى تقريبا في بعض البلدان التى اشتعلت فيها المظاهرات ولم يستتب بعد أي بلد شهد توترات، لكنها حالة تصاحب أي شكل من التغيير حتى لو كانت بهدف النظافة أو التعديل الوزاري أو بداية تنفيذ قانون جديد. الأثر هو المختلف من حيث سعته وامتداده ونطاق العناصر الداخلة فيه أو المشمولة به.فما يحدث في ليبيا مثلا لا يتعلق بالليبيين وحدهم فقط بل يؤثر على كل سكان الأرض تقريبا بسبب الثروة البترولية التي لديها والتي يمثل أي اهتزاز في أوضاعها تغيير في كميات المعروض في السوق العالمية وبالتالي الأسعار التي تؤثر على أصغر مستهلك حيثما كان. الفوضى المدمرة: وكأنها هبة إعلامية وحشد تقوم به بعض القنوات باعتبار أن الكوارث والحروب والمصائب هي عوامل الجذب للمشاهدين الذين عادة يبحثون عن قنوات تسلية تخفف عنهم أعباء حياتهم التي بها ما يكفي. فنجد أن كل القنوات الفضائية الاخبارية تحاول منافسة بعضها في التغطية لأخبار المنطقة الأكثر سخونة من غيرها، فلا تحصل الأحداث الأخرى على ما تستحق من تغطية ليعرف المشاهدون ما يحدث بما في ذلك بلدانهم إذا كانت بعض الإشكاليات قد بدأت ملامحها. إنها نوع من الفوضى الإعلامية المدمرة التي تحفز البسطاء والساذجين وحديثي العهد في التطلع الى ما يحدث في الأماكن الساخنة فيجدون أن لغة الموت والتخريب والحرق والاستفزار هي اللغة الوحيدة التي تلفت نظر الفضائيات للاهتمام ببلادهم، فيأخذون هذا المنحى ويحظون بالنجومية والشهرة. وشريحة الشباب مع التزايد السكاني والغلاء ومشكلات الفساد في تلك الدول لديها بالإضافة الى هرمونات النمو واندفاع العمر اليافع ما يكفي لاشعال النيران وليس مهما بعدها من يطفئها. [email protected]