** خرجت “ثويبة” من تلك الدار التي تدُب فيها حركة غير عادية فهؤلاء نسوة “الحي” يدخلن في ارتباك ويخرجن في ارتباك أكثر، فجأة سمع من في داخل الدار تلك “الصرخة” التي جلبت كل الفرح للحاضرات، خرجت “ثويبة” مسرعة تكاد خطواتها تعثرها وهي في شبه عدو بين تلك الأزقة المتعرجة كانت تتحاشى من يقابلها من الناس فالفرحة لا تكاد تسعها فهي في سعادة غامرة وبعد وقت حسبته كان طويلاً وصلت إلى ذلك النادي إنه “دار الندوة” حيث كان صناديد وكبار القوم يتدارسون شؤون تجارتهم ويقدمون نذورهم لأصنامهم “فلا ترى” إلا صنماً قد هام في صنم وبين أيديهم قنانين “الشراب” عندما أبصر “أبو الحكم” من البعد “ثويبة” وهي تعدو لاهثة التفت إلى عبد العُزة الذي كان متكئاً فجلس وبيد مرتعشة كان يمسك بقدح الشراب هذه جاريتك ثويبة يبدو أن لديها أمرا مهما ودون أن ينظر إليها قال لها : ماذا جاء بك إلى هنا يا “ثويبة” أمسكت قلبها خشية أن يقفز من بين ضلوع صدرها، ها.. ماذا هناك إنني أرى عليك ما يشغلني كأني أظن أن خلفك أمراً مهماً وخطيراً.. قالت من خلال – لهاثها- المتقطع لقد ولدت آمنة: قال لها بصوت استنكاري ومن آمنة هذه؟ قالت “ثويبة” بصوت أكثر فرحاً.. إنها زوجة سيدي عبدالله. آه.. صرخ وهو يضرب جبهته بكف يده المفتوحة كأنه تذكر شقيقه عبدالله وبفرح غامر وقف والقدح في يده “يترجرج”. أجل لقد ولدت – آمنة – وماذا جاءت به؟ إنه “ولد” وها هو جده عبدالمطلب لفه في ردائه وذهب به إلى الكعبة ليطوف به. قذف القدح من يده وراح يصرخ في وجهها فرحاً اذهبي فأنت - حرة - يا ثويبة. أخذت ثويبة الدهشة، تساءلت وهي تعود إلى الدار ما سر هذا المولود هؤلاء النسوة المتجمعات عند آمنة وكأن كل واحدة منهن مطمئنة على سلامة ولادتها. إنهن فرحات هازجات وها هو عبدالمطلب “يوشوش” في إذنه أعيذك بالرحمن من كل شيطان ويذهب به إلى الكعبة.. وهذا مولاي عبد العُزّة يعتقني. أي سر هذا الذي يحمله هذا المولود بالقطع إنه مولود مبارك. كانت أزقة “مكة” أمامها كأنها شوارع مرصوفة ومزروعة بالورد والياسمين ليس بها أتربة أو حجارة لا شيء من ذلك أبداً.. إنه يوم غيره من الأيام الأخر وسوف يكون له ما بعده.. هذا ما راحت تردده ثويبة.