رحم الله د. غازي القصيبي رجل المبادرات والمواقف الوطنية الشجاعة الذي لم يتردد البتة في اتخاذ القرار الصائب الناجح بمجرد اتضاحه انه الحق، ويتفق مع الواقع والمنطق، ومن مبادراته التي لا يمكن نسيانها انشاء المراكز الإسلامية والجمعيات الخيرية والمصحات النفسية، فهو صاحب فكرة انشاء جائزة الدولة التقديرية في الادب، والجمعية الوطنية للمعوقين ترعى شؤونهم وشجونهم. ومن شواهد مواقف معالي الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي - رحمه الله- التي لا تنسى - ما يحضرني الآن - في وزارة الصناعة والكهرباء حل مشكلة انقطاع الكهرباء في مختلف ارجاء الوطن ففي الرياض: حل مجلس إدارة شركة كهرباء الرياض، وفي عفيف اسس شركة كهرباء عفيف لتوفير الكهرباء بشكل دائم ومنتظم، وأنهى مشكلة انقطاع الكهرباء بين الحين والآخر. وفي وزارة الصحة قضى على البيروقراطية وعلى اللامبالاة حتى اصبحت المستشفيات - آنذاك ترضي روادها من المرضى. وفي وزارة المياه انشأ الشركة الوطنية للمياه، فقضى على مشكلة معاناة المواطنين من المياه. وفي الجبيل وينبع تمكن بفضل الله ثم بفضل دعم ولاة الامر في هذا الوطن الغالي من انشاء شركة (سابك) العملاقة التي خاطبها في كتابه: "حياة في الإدارة" بابنته المفضلة - بعد ابنته الحقيقة- (سابك) الشركة الوطنية للصناعات الاساسية: (كل الكيانات التي عاصرتها قريبة من قلبي، والكيانات التي نشأت بمبادرة مني قريبة إلى قلبي أكثر، ولكن (سابك) معي، ولم تكن هناك قبلي بدايات من اي نوع.. ومن ناحية ثانية عاصرت ولادة (سابك) ثانية، فثانية: كتبت المسودة الاولى لنظامها بخط يدي، وراجعت (المسودة) النهائية مع الصديق الدكتور مطلب النفيسة رئيس هيئة الخبراء كلمة كلمة.. ومن ناحية ثالثة لم تعكس أي مؤسسة فلسفتي في الإدارة مثلما عكستها (سابك) حتى الاسم كان من اختياري). وفي وزارة العمل خاض حرباً ضروسة ضد مافيا الاستقدام، واستطاع ان يثبت مفهوم (السعودة) أولاً في اذهن المارقين الذين لا هم لهم سوى زيادة ارصدتهم في المصارف، وتعبئة جيوبهم بالاموال الطائلة التي لا تعود بالنفع ولا الفائدة على الوطن والمواطن، واستطاع الحد من البطالة بين المواطنين الذين يحملون المؤهلات الجامعية. وعلى الرغم من مشاغله في وزارة العمل كان يهتم بقراءة اغلب ما يكتب عن العمل والعمال التي تنشر في الدوريات المحلية، ومن ضمنها مقالاتي التي نشرت تباعاً في جريدة (البلاد) عن الاستقدام والسعودة منها العمالة الوافدة، وظاهرة العمالة السائبة والعمالة الاجنبية، وعن العمالة الهاربة، والعمالة العربية، والعمالة الآسيوية، ومقالي المنشور بالعدد: (17702) بعنوان: "وزارة تنمية الموارد البشرية" كبديل لمسمى وزارة العمل بدمج الجانب المتعلق بالعمل والعمال الى جانب تدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل.وقد نالت اعجابه حتى داعبني بقوله: يفترض ان تنقل خدماتك الى وزارة العمل، فما تكتبه عن العمالة واقع ملموس، وحسك الوطني يدفعك الى المطالبة بالسعودة في كل القطاعات، فهل توافق على النقل الى وزارة العمل لكن-اظن- اغراءات الوظيفة الدبلوماسية والفترة التي قضيتها تقف عائقاً في اتخاذ القرار، على أية حال، مكانك شاغر في هذه الوزارة! لم استطع ان اعلق لانه اجاب -رحمه الله- على تساءله اجابة وافية، شكرته على هذه الاريحية. لقد نال -رحمه الله رحمة واسعة- ثقة وتشجيع ولاة الامر في هذا الوطن الغالي لنزاهته واخلاصه وتفانيه في خدمة الوطن. تغمد الله الفقيد الغالي معالي الدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي برحمته، واسكنه فسيح جناته، والهم اسرته وذويه ومحبيه الصبر والسلوان. "إنا لله وإنا إليه راجعون" صدق الله العظيم