بما أننا معشر النساء لا نستطيع الاستغناء عن سبل المواصلات الوحيدة داخل المدن والتي تنقلنا من مكان لآخر والتي يكون ورائها رجل يقود السيارة الخاصة، فإننا نتعرض للكثير من المشاكل المتنوعة والحيرة والقهر الذي يكشف لنا عن عجزنا وقلة حيلتنا في كثير من الأوقات، فالرجال قد شغلتهم الحياة العملية عن أغلب متطلبات الأسرة، فكثرة أماكن التسوق وبُعدها عن بعض الأحياء السكنية تحوجنا إلى مواصلات لتقريب البعيد والتسوق الذي لابد منه، بجانب تخلى رجالنا بمشيئتهم أو غير مشيئتهم عن تحمل مسئوليات التوصيل والنقل ولذلك انتقلت المسئولية بنسبة تسعين في المائة إن لم تكن مائة بالمائة وبكل اقتناع إلى "السائق" الذي غالباً ما يكون متعاقداً، فأعباء الأسرة كثيرة لا تُعد ولا تُحصى كالتوصيل إلى المدارس أو الجامعات أو المستشفيات أو السيدات العاملات لوظائفهن وغير ذلك وسنظل للأبد في حاجتهم حتى يشاء الله أمراً كان مفعولا! لذلك قررت مجموعة من النساء التخلي عن السائق غير العربي لأسباب كثيرة تكون مؤلمة أحيان أو مستفزة أو منفرة، ولم يكن هذا القرار قد اتخذنه إلا عن قناعة تامة بخطوة هامة جداً للتنقل بيسر وسهولة مع من يتمكن من فهم لغتنا العربية أولاً ومقاصدنا ومشاويرنا ثانياً ولذلك كان السائق العربي هو أفضل خيار على الإطلاق خاصة إذا كان أميناً في عمله وصادقاً وقبل ذلك "صامتاً" يرى ولكن لا يسمع ولا يتكلم ولا يتدخل فيما لا يعنيه ورغم ذلك مطلوب فيه الشهامة وأن يحافظ على الأسرة التي يعمل معها وبالطبع أغلبهن نساء، كما من مميزات السائق العربي أنه سريع التصرف في المهمات ولديه نخوة خاصة في المواقف الصعبة التي تحل بالنساء الوحيدات اللآتي لا عائل لهن فهن يقمن بكل شئون الحياة ولا يدري عنهن أقارب ولا أهل فالكل في (فلك يسبحون) لذلك يضطرن للاعتماد على أنفسهن، فالسائق العربي يفهم لغتهن ويمكنه التصرف بجدية وستظل النساء بحاجته وإن كان غير محرم! ولدينا أمثلة كثيرة على الصعاب التي تواجهها النساء بسبب السائقين من شرق آسيا فهم بين قوسين يقودون السيارات فقط، أما في الصعاب التي تمر بها بعض السيدات يكون السائق معدوم الشهامة ولا حيلة له خوفاً من وبال قد يحيق به ويفقد وظيفته وراتبه الذي لا يحلم به، ولا يتوانى أن يقوم في أحيان كثيرة بالتظاهر بعدم الفهم وذلك يرجع إلى مزاجه المتقلب أحياناً ومن هنا تبدأ رحلة معاناة المرأة تترأسها قلة حيلتها وقد تنفطر في بكاء تسيل فيه دموعها حارقة وجنتيها ألماً لما تعاني منه، وما أكثر السائقين المتنصلين من مسئولياتهم فمزاجهم يقودهم كما يقودون هم السيارات فتارة يفهمون وأخرى لا يفهمون. همسة: إلى متى سنظل في احتياج لهم؟