الذهب يهبط بأكثر من 1%    الصين تطلق بنجاح قمرًا اصطناعيًا جديدًا لنقل البيانات    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    نائب أمير مكة يشهد حفل تخريج الدفعة العاشرة من طلاب وطالبات جامعة جدة    اكتشاف مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام ب"أمالا"    وزير الاقتصاد: المملكة الأولى عربيا في الأداء الإحصائي    المملكة.. طموح لا يعرف المستحيل    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    عبر السد بثلاثية مقابل هدفين.. كاواساكي يواجه النصر في نصف نهائي النخبة الآسيوية    "الانضباط" تجدد رفض احتجاج الوحدة ضد النصر    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    أبناء زين العابدين يكرمون كشافة شباب مكة    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    وزير الإعلام يستهل مبادرة "نبض الإعلام" باللقاء الأول مع صنَّاع البودكاست    معرض"ذاكرة الطين" للتشكيلية فاطمة النمر    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    كبار العلماء: لا يجوز الحج من دون تصريح    أخضر الشابات يترقب قرعة تصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    النصر والعلا إلى نهائي الدوري الممتاز لكرة قدم الصالات    الملك وولي العهد يُعزيان الرئيس الإيراني في ضحايا انفجار ميناء رجائي    ورش ومحاضرات توعوية ضمن فعاليات أسبوع البيئة بالجوف    «إسرائيل» تمنع دخول شاحنات المساعدات لغزة    مؤشر نسبة العاملين من ذوي الإعاقة يقترب من تحقيق مستهدف رؤية 2030    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    ولي عهد لوكسمبورج يشكر المملكة لدعمها مبادرة «رسل السلام»    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    مقتل شخصين في ضربات أميركية على صنعاء    Adobe تطلق نموذج Al للصور    رؤية 2030 تقفز بحجم الاقتصاد الرقمي إلى 495 مليار دولار    جلوي بن مساعد يهنئ جامعة نجران    صناعة الحوار    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    ليلة استثنائية    أمير الشرقية يبحث تطورات ومستجدات البيئة الاستثمارية    رؤية 2030.. النجاح لا يأتي صدفة    فيصل بن مشعل يكرم الفائزين في بطولة القصيم لجمال الخيل العربية الأصيلة    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    محمد بن ناصر: رياضة المشي لها دورها في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    الميتفورمين يخفف آلام التهاب مفاصل الركبة    2 مليار إيرادات تطبيقات نقل الركاب    مواعيد مباريات نصف نهائي دوري أبطال أسيا    «مجمع الملك سلمان» يُشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    جمعية الكشافة تختتم مشاركتها في معرض "أسبوع البيئة 2025"    تهنئة 3 دول بمناسبتي ذكرى الاستقلال ويوم الحرية    ‏ #صامطة تتألق بحدث رياضي ملهم: " #امش_30" يجمع الأهالي لتعزيز الحياة الصحية    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    أمير جازان يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنطقة « العمياء» !
نشر في الحياة يوم 19 - 11 - 2011

دخل راكضاً إلى المطبخ بعد أن عاد من عمله، فالتقط بعض الأطعمة في يده، وطلب منها تحضير شيء ليأكُله، وارتمى على الأريكة يقضمُ الطعام الذي كان يتناثر منه، نَظرتْ إليه باشمئزاز حين ارتفعت أصوات الأطعمة وهي تُطحن في فمه، توقف عن المضغ قليلاً ليتجشأ، فقالت له: انتبه الطعام يتناثر من حولك، كانت عيناه مُعلقة على إحدى المباريات الودية، التي جلس يتابعها بحماس شديد، نهضت من جانبه بعد أن تسللت إلى أنفها رائحة قدميه، وأخذت مقعداً آخر بعيداً عنه لكي لا تضطر إلى استنشاق تلك الرائحة المقرفة التي لم تستأ من شيء طوال حياتهما الزوجية بمقدار ما استاءت منها بشدة، أخذ يقضم الطعام بيد وينزع جواربه باليد الأخرى، وبعد أن خلع جواربه ألقاها بقلة أدب كعادته اليومية بجوار المقعد الذي كانت تجلس عليه، وقفت أمامه تريد أن تتكلم معه وتذكره بوعده لها، فرفع رأسه قائلاً: ابتعدي «يا هيه» كانت تحاول الاحتفاظ برباطة جأشها لأنها سئمت الشجار الذي ملأ حياتهما سنوات طويلة، فقالت: هل ينبغي عليّ أن أستنشق رائحة رجليك كل يوم! ما رأيك، أوقف لك المباراة وتذهب لتغتسل، فرد عليها وهو يُؤشر لها بيده لتبتعد عن التلفاز «ليس الآن، ثم لا يوجد شخص غريب أنت زوجتي «عادي»، فلم تحتمل وقالت: أنا أيضاً إنسانة ولي إحساس ومن حقي عليك ان تراعي مشاعري وتحترم وجودي، الرائحة لا تطاق، ذكرتُ لك ذلك مراراً وتكراراً، أرجوك من أجل خاطري!
في نهاية المساء وحين قرر أن يأوي إلى الفراش وقبل حتى المرور على دورة المياه، اضطجع على جنبه ورفع يده، ثم مد الأخرى نحوها، وقال بكل ثقة: كيف الحال! في تلك اللحظة وصلت إلى أنفها رائحة أخرى قلبت معدتها فامتعضت وزمت شفتيها وبدت على وشك أن تتقيأ، وبدأت الدموع تتسلل إلى عينيها، فلم تعجبه تعابير وجهها فاقترب منها قائلاً: هيا أطفئي النور واقتربي بجواري وهو يبتسم ابتسامة تعرف هي معناها، متجاهلاً جميع التعابير السلبية التي اعتلتها، فقامت من جواره، أطفأت الأنوار والتفتت إليه وقالت: طلقني، وخرجت من غرفة النوم وأغلقت الباب وراءها بكل هدوء.
وقفت أمام القاضي بعد فشل عدة جلسات لإصلاح ذات البين بينها وبين زوجها تبكي بعد أن رفض الزوج أن يُطلق، فنصحها القاضي أن تعود لبيتها وأبنائها «الخمسة» لأن مشكلة النظافة الشخصية تلك لا تُعد سبباً جوهرياً لترك بيتها وأبنائها، خصوصاً بعد أن قطع الزوج وعداً أمام القاضي بأنه سيعتني بهذا الأمر، انهارت الزوجة تبكي، وأخذت تتوسل القاضي وتترجاه أن يطلقها منه، فقالت: لقد عافت نفسي هذا الرجل، 13 سنة من المعاناة، لا أحتمل قضاء يوم آخر معه، فهو يتعمّد إهانتي بترك قاذوراته الشخصية لكي ألتقطها من على الأرض وراءه، وكأنه يعجز أن يفعل ذلك بنفسه، لا يغسل أسنانه، ولا يستحم إلا حين أدفعه لذلك وحين يأتي من عمله، يجلس على الأريكة يأكل ويشرب، وحين يتذمر احد الأبناء من رائحته ينهره قائلاً: «من المفترض أن تُقبل قدم أبيك الذي كان يقضي ساعات النهار من اجل أن يوفر لك ولإخوتك اللقمة»، ارحمني أيها القاضي... استنفدتُ طاقتي وصبري واحتمالي وجميع حِيلي ومحاولاتي لإرغامه على غسل يديه ووجهه وقدميه حين يدخل من الخارج، وحايلتهُ سنوات طويلة، لم أمانع من القيام بغسل وجهه وقدميه وهو جالس كالكسيح أمام التلفاز، أبنائي كبروا وتعلموا كيف يعتنون بأنفسهم واستحمامهم، إلا أنه لا يكبر بل كان عبئاً آخر عليّ، وكأنه يُدفعني ثمن نظافته، أشعر بالإهانة في كل وقت تصلني فيه أصوات أو روائح تنم عن قلة الذوق والتربية، فقط حين يذهب لأصدقائه يتَطيّب، وفي مراتٍ عدة أدفعه لذلك دفعاً لأنني أعلم بأنه سيعود لي في المساء بحالة أسوأ من الحالة التي خرج عليها، كتمت أنفاسي سنوات عديدة، وآن الأوان لكي أتنفس بحرية، أتوسل إليك أيها القاضي أن ترحمني وتطلقني منه.
طأطأ القاضي رأسه وتمتم بصوت منخفض: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، جلس لحظات ثم رفع رأسه وقال للزوج: طلِقها.
أشارت دراسة في أحدث إحصائية رسمية لوزارة العدل إلى أن نسبة الطلاق السنوية في المملكة وصلت إلى أكثر من 21 في المئة، بمعدل أكثر من 2000 حالة طلاق شهرياً، لتحتل المركز الثاني عالمياً في ارتفاع معدل الطلاق، واللافت للنظر أن أهم الأسباب كانت بالترتيب تنحصر في سوء الأخلاق واختلاف طباع الزوجين، والجفاف العاطفي والخيانة الزوجية وعدة سباب أخرى، من أهمها في منظوري المنطقة العمياء في الحياة الزوجية التي لا تراها ولا تقع عيناك عليها، لكنها تُحاصرك في النهاية بنظراتها، وهي الفترة نفسها التي يغيب فيها العقل عن التفكير فيها لأنه يُقلل من قيمتها أو خطورتها، فتصبح «مبهمة»، ولو لم تنطق لما عرفت بأنها موجودة من الأساس، مثل منطقة المحاق التي يختفي فيها القمر عن أنظارنا، لكنه في الواقع موجود، وفي عالم القيادة تقع الحوادث بسبب عدم رؤيتها، وفي الحياة الزوجية المنطقة العمياء لا ينتبه لوجودها العديد من الأزواج إلا من رحم ربي، فعليهم اخذ الحذر من الحوادث، لأن المرأة لن تكشفها لهم!
*كاتبة سعودية.
[email protected]
Twitter | @HalaAlQahtani


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.