هناك نوعية من البرامج الإعلامية تصيبك بالغثيان وبتسارع في ضربات القلب ، وارتفاع في الضغط ، مع كثير من الإحباط لما تقدمه من إسفاف واستخفاف بعقل المتلقي الذي يسارع بهرش رأسه بعد انتهاء المولد ليكتشف أنه خرج منه بلا حمص . وهناك العديد من البرامج المنتقاة والمُعدة بطريقة راقية هدفها إثراء المتلقي وتقديم المفيد من خلال الطرح الخلاق مع أن مثل هذه البرامج تواجه لكمات من تحت الحزام بهدف إسقاطها لتصبح الغلبة لبرامج الردح والهلس والحكم يغط في سبات عميق . من العنوان يتضح للبعض عن أي برنامج سأتحدث ، لأنه برنامج ملأ الدنيا وأجبر الجميع على متابعته بحرص .. إنه برنامج ( لست وحدك ) الذي يقدمه المتألق سعود الجهني عبر أثير الإذاعة . هذا البرنامج الذي يبث هموم الناس بكل شفافية نموذج للحياة السوية التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان ، فالتعاطف والتواصل الذي يصل للبرنامج دليل على أن الدنيا ما زالت تزخر بفئة تبعث الخير وتجعلنا نقول الدنيا فيها قلوب طيبة . ولكن كم من البرامج نحتاج حتى تصل أصوات المعدمين والمغلوب على أمرهم ؟ وهل أصبح المحتاج شيئاً نادراً حتى يصعب الوصول إليه إلا من خلال وسائل الإعلام ؟. جميل أن يشعر الإنسان أنه محاط بدفء القلوب المفعمة بالحب ، جميل أن يقول لك الآخرون لا تخف فأنت لست وحدك .. ولكن المؤلم في الأمر أن تصرخ حتى يقتات الألم من روحك ليتقدم منك من يهبك بعض هباته المصحوبة بكلمات الشكر والمديح . السؤال الأهم الذي يجب أن نجد له جوابا شافيا هو إلى متى تظل مؤسساتنا المعنية بالمحتاجين عاجزة عن تلبية اليسير من احتياجاتهم ليعيشوا حياة كريمة ؟ نستطيع فبركة أي شيء من أجل خلق جو من الإثارة لجذب أكبر قدر من المتابعين ، ولكن من الصعوبة بمكان أن نخلق حالة الحزن الصادقة التي تصلك دون رتوش لتسقط كالسهام على قلبك . وأنت تتابع البرنامج تسكنك حالة من عدم التوازن وحالة من التناقضات .. تسأل نفسك ملايين الأسئلة العشوائية وتجيب بينك وبين نفسك في حالة من الرضا معترفا بنعم كثيرة تمتلكها بينما غيرك معلق بين كره السؤال وتجاهل الوجوه وحرقة الدموع . لست وحدك ، ولستُ وحدي ، ولسنا وحدنا .. فالواهب المعطي معنا يستطيع قلب كل الموازين والمعادلات في لمح البصر ليصبح المسؤول سائلاً متجرعا لهوان المسألة ..شكرا لطاقم البرنامج لأنهم سلخوا عن الحقيقة ثوبها المدعو "كل شيء تمام" والكرة والصافرة والباب والحارس كلها في ملعب أصحاب القرار مع لمحة عابرة تحتها خطوط بكل الألوان .. اتقوا الله . [email protected]