أن الرحمة أو القوة لا تصعد من تحت الى فوق وانما تجيء دائما من فوق الى تحت.. المتكبر يصطنع القوة الى درجة حتى يصل هذا التسلط الى الذي تحت مستوى الارض فيصبح المتسلط عليه تحته كما يتمني ذلك ومن السهل كثيراً ان نضع في يد كل متكبر سوطا ولكن من الصعب جداً ان نضع في كل واحد منهم قلباً. لقد كان المفروض ان الانوار التي اضيئت في وجه المتسلط والنوافذ المفتوحة والهواء الطلق تعيد الانسانية الى بعض القلوب التي تجمدت وتعيد الطيبة الى بعض النفوس التي تحجرت.. غير ان هذا لم يحدث فتجرأ المتسلط الى الوقوف امام طريق من يتحدث اليه بجرأة وبالمنطق ويحاول ابعاده عن كل امر يخص هذا التسلط عليه. لقد هالني بعض قرارات ادارية تسلطية في امور غريبة خارجة على النظام مثل تجاوز النظام الذي لا ينطق الا بامر المتسلط. وانه يجب استئصال هذا الصوت وانه ايضا يجب عقاب كل من يلوذ به لا هو وحده إن كان الرأي الاخر لا يعجب هذا المتسلط الا اذا كان مراعاة العدالة تستلزم وقتاً.. ومثل هذا الرجل يتحدث كأن في يده الغنى والفقر فصار يتكلم بصوت الجبروت والطغيان.. ولكن ستنقلب الدنيا وتضع تحت الاقدام من كانوا بكبريائهم فوق الرؤوس. ولاشك ان هذه الروح من القوة ستنتهي وان الذي نراه في بعض الموظفين هم بقايا هؤلاء المتسلطين وسوف يتقهقهر هذا العنف من الناس ،فما دام العدل قائما في بلادنا فسوف ينتهي التسلط بإذن الله. والمتسلط ظالم لنفسه اولا لانه ينسى ان الناس كلهم من وطنية واحدة وسلالة رجل واحد وان النبي صلى الله عليه وسلم يقول "المؤمنون أخوة ومن طينة واحدة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يدعي من سواهم" وختم نبوته "أيها الناس ان الله اذهب عنكم نخوة الجاهلية وفخرها بالآباء ككلم لأدم وآدم من تراب.. ليس لعربي على عجمي فضل الا بالتقوى" قال الله تعالى "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فالله سبحانه وتعالى اذهب عن الناس عصبية الجاهلية فالكريم من كرمت افعاله والشريف من شرفت همته ويقول الشاعر: إنا وأن كُرّمت أوائلنا لسنا على الأحفاد نتكلُ نبني كما كانت أوئلنا نبني ونفعل مثل مافعلوا وليعلم الشجعان ان اسمى مراتب الاخلاق والتعامل وأعلى معانيها هو ان يقفوا الى جانب المظلوم الانسان الصريح التي تتخالف عليه القوى ذات النفوس الضعيفة وان يتحملوا معه شطراً مما يقاسيه فهذه هي حقيقة العدل. ومن اجل الصراحة كرههُ كثيرون ولكنهم كلهم أجمعوا في النهاية على الاعجاب به واجب ولابد ان يعيش الانسان شريفاًً. يقول المثل العامي: شنَّ الغارة على منع نصب الستارة