هنالك مسميات وعناوين قد لا يفهمها العامة مما يفتح الباب للفهم الخطأ، فيستغل المتطرفون كعادتهم أية فرصة ليدخلوا منها لقلوب مستمعيهم بطبق عسل مسموم، العامة ومن يطبل على كلمة دستورية غالباً ما يأتي حديثهم من منطلق ديمقراطي وإن ألبسوه ثوباً اسلامياً كما يحبون أن يسموا كل مناحي الحياة، وعندما تسأله عن معنى الديموقراطية تجده لا يعرف أكثر من كلمة انتخاب. أريد أن اسأل من يظن أن الديموقراطية هي الإنتخابات، هل تحتاج لتجهيز بنية تحتية لخوض غمار ما يسمى في العالم بلعبة الإنتخابات؟ أم أن الهرجة تشبه الأزياء التي نشتري أغلاها ثمناً وتجدنا نلبسها في غير أوقاتها ومناسباتها مما يجعل العارفين يكتشفون أن الفاعل حديث نعمة بجهل وهو يظن أن الجميع منبهر به، في إدارة شؤون الأوطان تكون المسؤولية أكبر من موضوع الأزياء لأن الخطأ فيها قد يجعلنا في العراء. إذا كانت كلمة دستورية تعني وجود دستور وأنظمة يحتكم إليها، فنحن لدينا كل هذا، قد يحتاج بعضه إلى تطوير وآخر إلى تفعيل، لكن موضوع الانتخاب على مستوى حتى مجلس الشورى نحن لسنا له جاهزين ومن يناقض هذا فل يسمح لي بأن آخذه إلى دهاليز طويلة من نفس بيئتنا ومنطقتنا و إن شاء بحرنا غرباً ليعرف أن من لم يؤسس بنية تحتية لهذه اللعبة يكون كمن يحاول تسلق قمة إفرست بالبجامة. العملية الإنتخابية برمتها صناعة غربية ولا يوجد لدينا في كل تجارب الدول الإسلامية ما يسمى ديمقراطية الإنتخاب، لذلك عندما نود استيراد ثقافة وليس آلة لابد أن نخضعها لبعض التحسينات (Customization) لتواكب البيئة الجديدة، في مقدمة هذه التحسينات تكون البنية التحتية لتجهيز المجتمع لمثل هذا التحول الكبير الذي يعتمد على الفرد والعائلة. إن الدولة لا تستطيع أن تخلص الأفراد من ارتباطاتهم القبلية والمذهبية بسبب أنها تضر بالعملية الديموقراطية، لهذا يجب أن ينسلخ الفرد من هذه التكتلات عندما يكون المقابل هو الوطن لأنه بدون وطن لن توجد القبيلة وسيتفرق أصحاب المذاهب، لابد أن نزرع الوطنية التي هي في الأصل بوليصة التأمين للمصلحة الشخصية والعائلية. لست متخاذلاً ولا أبغي المتخاذلين ولكني أحاول أن أحمي مصالحي ومصالح عائلتي وأقربائي وجيراني وأصدقائي من نتائج لعبة الديمقراطية غير الناضجة والتي لن تنضج إذا ما استمر الفرد في التنطع والتحزب القبلي والمذهبي ونسي أو تناسى الانصهار الوطني الذي لن نختلف على حمايته بالإجماع لأنه المركب الذي نبحر فيه سوياً، فمن منا يجرؤ أن يعرف الآخرون عنه أنه يحاول ثقب المركب وليس تدميره؟ لنعمل بصدق مع أنفسنا ونطلب من ولاة الأمر ما هو في حدود مسؤولياتهم بعد أن نقوم بتحديد مسؤولياتنا وضبطها من منطلق اسلامي سليم وليس مشوه يتمحور في مفهوم أن مصلحة الفرد من مصلحة الوطن ومن لايريد مصلحة الوطن لن يجدنا محافظين على مصالحه الشخصية الانتهازية، بعدها ننادي بصوت عالٍ: ياشباب خلونا نلعب انتخابات. عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا