هكذا قال ابني الذي يدرس في المرحلة الثانوية وهو يضع كتبه في خزانته، وقد عاد من المدرسة!، ولما سألته قال: إن معظم الطلاب غابوا، ووصلوا اجازة الثلاثاء بسبب الامطار في مدينة الرياض، بيوم الخميس مغرقين يوم الدوام الاربعائي في الانفاق المغلقة بالمياه!! قلت: والاساتذة.. الم يحضروا؟! قال: بلى، حضروا، ولكن ملامح وجوههم كانت تقول لنا مستنكرة: لماذا حضرتم؟ ألم تسعكم بيوتكم في هذا اليوم؟ اطردكم آباؤكم وأمهاتكم؟! وبعضهم القى نظرة ثم توجه الى غرفة المدرسين، وجلس بعضهم معنا يزجي الوقت بملل وامتعاض. شعرت بألم نفسي شديد كتمت بعضه واظهرت بعضه، محاولاً اقامة توازن بين ان انتقد الموقف الخاطئ من الاخوة المعلمين الذين لم يستغلوا قلة حضور الطلاب في تقديم مراجعة نوعية لما اخذه الطلاب، وملء الوقت بالتمرينات التطبيقية، والحفر في المادة العلمية عمودياً، واشعار الغائبين بالتالي بأنهم خسروا في هذا اليوم شيئا مهما عليهم ان يرجعوا الى دفاتر من حضر ليستفيدوا منهم ما فاتهم! وبين الاثر السلبي لتوجيه مثل هذا الانتقاد على المعلم امام الطالب! وخصوصا ان ابني يثق بقدراتي وآرائي في التعليم لكوني معلماً سابقا. إن ما يصيب الطالب من فقدان الثقة بمعلمه من الخسارة اكبر بكثير من الخسارة في المادة العلمية التي يمكن تعويضها في يوم قادم، لذلك اهمس في آذان اخوتي المعلمين الا يشعروا الطالب المجد الذي يحضر في غياب زملائه انه غير مرغوب في حضوره، بل عليهم ان يستغلوا رغبته ويشحنوا ذخيرته بالعلم النوعي والكمّي، والعلم أمانة والمعلم راعيها.