جاء في الحديث النبوي الشريف ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نبه اصحابه الى ان الله لا ينظر الى صورهم ولكن الى اعمالهم والى قلوبهم فاذا رأيت من يكون مظهره الوقار والصلاح والالتزام بالعمل الطيب فليس عيباً منك ان تثق فيه وتتعامل معه بصدق وثقة ولكن العيب الاكبر يكون اذا ما ظهر ان ذلك الشخص قد استخدم هذه المظاهر في خداع الناس واكل اموالهم بالباطل فهنا يأتي التوجيه النبوي ليوجه الامة الا ان الله لا ينظر الى المظاهر والاشكال والصور حتى وان حسنت ولكن ينظر الى الاعمال الطيبة فيجازي عليها واذا كانت الاعمال والافعال سيئة فان دافع الشر والاطماع الدنيوية هي التي تقود المتظاهرين بالصلاح والخير الى خداع الناس بمظاهرهم واشكالهم وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكسبون فان صادفت اناسا تصرفاتهم عكس مظهرهم فاعلم ان المظهر فقد للخداع ومن اجل هضم واكل وبلع وشفط حقوق العباد بثمن بخس اذا رأيتهم قل لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. وإن صادفت ايضا عكس تلك التصرفات السيئة تصرفات حميدة مفيدة تعطي كل ذي حق حقه لا تجرح ولا تؤذي احدا فاعلم ان دافع الخير قد سيطر على تصرفات هؤلاء البشر وهو الذي يتحكم في عقولهم وفي افكارهم وافعالهم فلا يقوم اي واحد منهم بأي تصرف الا بعد ان يتأكد من ان وراء ذلك خيرا كبيرا له وللناس او يضمن انه لا يؤذي احدا قط. وما اريد ان اتحدث عنه هو ان هناك حقوقا بين البشر وفيهم الطيب والامين والصادق والمجرم والشرير والغشاش والفاسد وعندما ينشأ خلاف بينهم فان الامر يتطلب وجود من يحكم بينهم بالحق ولا يتضرر من يحكم بينهم ان حكم لشخص وهو لا يستحق ذلك الحكم، واذا كان السبب هو قوة الحجة واللحن التي استطاع ان يوفرها عكس صاحب الحق الذي لا يملك الحجج الكافية لانه في هذه الحالة فاذا من يحكم له يحكم له بقطعة من النار اما ان يحكم شخص بين الناس ويكون مؤتمناً على ذلك العمل الذي هو اهم الاعمال واصعبها وفيها ما فيها من الوعيد لكل من لا يؤدي واجباتها ثم يحكم بين الناس ولكن عن طريق الهوى والمصالح فان جاء صاحب حق قال له النصف لك والباقي لي او يقول: هات المعلوم وانا اقلب الحق باطلا او ان يهضم حق ورثة او ايتام او ان يضيع اوقافا خاصة او عامة كل ذلك من اجل دراهم لا تساوي شيئا عند من يعرف العقوبة التي تنتظر من يحكم بين الناس بغير الحق، فان رأيتم من هذه اعماله وتصرفاته وهو مازال على رأس عمله فتأكدوا ان الله يمد البعض في طغيانهم يعمهون وسوف تكون نهايتهم سيئة في الدنيا وفي الاخرة ان لم يتوبوا توبة نصوحاً قبل فوات الاوان، هذا خلاف الصفات التي تطلق عليهم من كل من تعامل معهم وعرف حقيقتهم بانهم لا يحكمون الا اذا عرفوا ما لهم وما لغيرهم لان كل شبر في داخلهم عليه شيطان رجيم يعطي أوامره لهم حتى يستمروا في اعمالهم الفاسدة. ولان مثل هذه الاوضاع غير السليم يؤدي استمرارها والتغاضي عنها الى زيادة رقعة الفساد وزيادة هضم الحقوق وتعالي أصوات المظلومين بالشكاوي والدعاء فلابد من وضع حد لمثل هذه الاوضاع ووقف المفسدين في جميع المواقع الادارية عند حدهم حتى لا يجد الظلمة من يساعدهم ان ارادوا الظلم بل يجدون امامهم من يحكم بالحق ولا شيء غير الحق والله الهادي الى سواء السبيل!!