تقف وزارة العمل على ثغرة أشبه ما تكون ببركان ثائر لا يهدأ فمنذ نشأتها مستقلة حتى هذه اللحظة وهي تحرث أرض التجار الجرداء لعلها تستطيع أن تزرع فيها بذرة سعودة وإيجاد مساحة أمل للآلاف من الشباب العاطلين عن العمل، ومع أنه قد اختير لها رجل كفء وهو الدكتور غازي القصيبي رحمه الله تعالى إلا أن تكتل القطاع الخاص حال دون تحقيق ذلك الهدف، حيث علقوا مشروع السعودة بإرادتهم دون احترام لقرار الحكومة ولا تقديراً لإخلاص ذلك الرجل الذي حمل همها حتى هجوه بأقلامهم وشعرهم القاسي وظل صامداً حتى لقي وجه ربه. إن مهمة البحث عن فرصة عمل شريف لدى القطاع الخاص أصبحت مهمة شاقة ووضع الباحثين عن هذه الفرصة محزن للغاية وهم يحملون تلك الملفات الخضراء التي أصبحت عنواناً للبطالة يتقون بها حرارة الشمس ويفترشونها ويتاورون خلفها أحياناً عن أنظار الشامتين في منظر يتنافى مع مسمى مملكة الإنسانية التي احتضنت ملايين الوافدين فضلاً عن الهبات التي غطت أماكن كثيرة خارج الحدود. لقد أبلى الدكتور غازي القصيبي رحمه الله بلاءً حسناً في سبيل طمس هذه الصورة المحزنة من شوارعنا وإيجاد فرص عمل شريفة لشباب وطنه وخاض اليم بمفرده وقاوم أمواجه العاتية من أجل القضاء على شبح البطالة في أوساط الشباب أو تقليل نسبتها على الأقل وقاوم تكتلات رجال الأعمال بروح متفائلة لا تعرف اليأس وكان يسير بخطى حثيثة نحو تحقيق الهدف وإنجاح مشروع توطين الوظائف إلا أن الموت كان أسرع. معالي المهندس عادل فقيه لقد جاء تعيينك في هذا المنصب سريعاً بأمر خادم الحرمين الشريفين كتأكيد على أهمية مواصلة معالجة قضية توظيف الشباب والكل يتمنى لك التوفيق في هذه المهمة ويتمنون أن تكون أكثر جذوة ونشاطاً من سلفك رحمه الله الذي أنهكته السنين ولم تصل إليه هذه الحقيبة إلا في خريف عمره ونهاية مشواره مع الحياة ومع ذلك فقد كان له بصمة واضحة وأجرو أن يكون لك من اسمك نصيب بأن تكون (فقيهاً عادلاً) بأمور الشباب فحينما يكون الفقه بأمور الشباب أعمق كلما كان العدل بحقهم أشمل وأن تضع نصب عينيك أنك أمام موقعة صعبة للغاية إما أن تثبت فيها أن باستطاعتك ملأ الفراغ الذي خلفه سلفك رحمه الله ولتنفي عنك مقولة أنك محسوب على فئة التجار باعتبارك رجل أمضيت في هذا القطاع أكثر مما أمضيته في القطاع الحكومي، وكما هو معلوم أن معظم الوزارات تعمل وفق أنظمة وقوانين إلا هذه الوزارة فإنها بحاجة إلى إرادة فولاذية فقط لتفكك متاريس رجال الأعمال وتجعلهم ينظرون إلى السعودة على أنها واجب وخيار وطني لا مفر منه وليست منة او فضلاً منهم أو استجداء وان الاستثمار الحقيقي هو في استقطاب الشباب السعودي لسد احتياجات سوق العمل وفتح المجالات والفرص الوظيفية لهم يحلقوا في سماء الابداع ويسمون بوطنهم فوق كل الهامة خاصة وأن الشاب السعودي مبدع بالفطرة متى ما وجد الثقة والأمان الوظيفي والشواهد كثيرة. معالي الوزير: الشباب هم أساس الاستقرار وعنصر الأمان وسواعد البناء وصناع المستقبل، فإن كنت تستشعر هذه الحقيقة فلا تلتفت لموقعك القديم كرجل أعمال ولا يجرك الحنين إلى تلبية رغباتهم في التخلي عن مشروع السعودة وافشاله بشتى الطرق والحيل التي مردوا عليها فقد تجد نفسك مسؤولاً عن فشل المشروع بدهائهم ومكرهم الذي لا يخفي عليك ولا نريد أن نستبق الأحداث فلا يزال الحكم على النتائج مبكراً. معالي الوزير: المواطن سيحاسبك على الهواء مباشرة وسيقرر إن كان حجم البطالة قد انحسر أو اتسع فواقع اليوم يختلف عن الأمس (وكامرا) هاتف نقال تستطيع أن تصنع قضية وتقنع بها الرأي العام وتحدد مكمن الخل من خلال الغوص في أعماق قضية البطالة والبحث عن حلول جذرية لها فقد أصبحت اليوم وزيراً للعمل وخلفاً لرجل قاد دفة أربع وزارات خدمية ودبلوماسياً محنكاً وأديباً أريباً تخطى حواحز الحدود.