كتبت في مقالة سابقة عن مؤتمر (الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف) في المدينةالمنورة والذي حضرته بدعوة كريمة من الجامعة الإسلامية ممثلة في مديرها الفاضل أ.د.محمد بن علي العقلا ، وماوجدت أحداً يذكره إلا بالخير والثناء، فهو حقاً مثل رائع للمسلم المعتدل اللذي يتحلى بأخلاق الإسلام السمحة - أحسبه كذلك ولانزكي على الله أحد- وقد أستقبلنا بكل الحفاوة بنفسه في المطار، وأكرمنا بأرقى مستوى من حسن الضيافة وشاركه عدد كبير من منسوبي الجامعة .. وذكرني ذلك بموقف كان فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستقبل غنائم المسلمين من الفتوحات وتعجب من أنه لم ينقص شيء منها ولاحتى فص واحد من الجواهر لأن من سلموها كانوا في غاية الأمانة فقال : ( إن قوماً أدوا إلينا هذا لأمناء )، فرد عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه معلقاً على قوله :( ياأمير المؤمنين .. عففت فعفوا ، ولو رتعت لرتعوا ) ، وبدوري أقول لمعالي مدير الجامعة الإسلامية : ( حسُن خُلقك ، فحسُنت أخلاقهم ) ، فكل من تعامل معنا من طرفكم كان في قمة الأخلاق حتى السائقين الذين تولوا مهمة توصيلنا خلال أيام المؤتمر، وأحدهم أوصلنا للمطار وقال : أعذرونا إن قصرنا وودعنا بأطيب العبارات والدعوات . هذه كلمة حق كان لابد من التصريح بها من منطلق (من لم يشكر الناس لم يشكر الله ) . ولست بصدد سرد أحداث المؤتمر بعد مرور شهرعلى انتهائه حيث تم تغطيته إعلامياً ، وسأعرض جوانب لم تطرق من قبل ربما لاتكون مدرجة في جدول الأعمال المطبوع لكنها بالتأكيد أخذت بعين الإعتبار لأهميتها، ومن ذلك الحضور الكثيف لطلاب الجامعة الإسلامية وهم من الشباب، وكما يعلم الجميع أنها الفئة المستهدفة دائما للجماعات الإرهابية لتجنيدهم وضمهم إليها ،ولهذا كان تواجدهم من أهم العناصر لإنجاح المؤتمر وتفعيله بشكل عملي لأنهم من سيطبق وينقل كثير مما ورد من أفكار وسطية تدعو للحوار والتسامح ونبذ الفرقة والتطرف. كما استوقفني في الجانب النسائي مشهد مجموعات من طالبات المدارس المتوسطة والثانوية حضرن بالزي المدرسي خلال الفترة الصباحية مع معلمات يشرفن عليهن ، ولم أستطع تجاهل وجودهن وأنا أنظر لوجوههن الغضة تتابع بإهتمام وشغف، فتحدثت معهن.. وسألت مجموعة من طالبات مدرسة درر المدينة الثانوية.. هل يمكن أن تكون الفتاة إرهابية؟ فتعالت ضحكاتهن البريئة وأجبن بصوت واحد (لا) ولكن ممكن تكون عدوانية أحياناً ولكن لاتصل لدرجة التفكير في الإرهاب . ومجموعة أخرى - 13 فتاة من مدرسة دار الأمان الثانوية - وقد لفت نظري الإسم الذي يتماشى مع أهداف المؤتمر ومع مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم فهي كلها دار أمان - وقد كان لهن مشاركة من خلال الأسئلة والمداخلات التي لم يتسع الوقت لإجابتها. الطالبة نفلاء عبيد العنزي – صف ثاني ثانوي - وجهت سؤالاً هاماً: (متى سينتهي التطرف ونعيش في وطن آمن لانخشى فيه الإرهاب ؟). أما الطالبة مرام مجدي فقالت : (إنه لابد من التغلغل في نفوس الشباب لمعرفة إحتياجاتهم ومتطلباتهم النفسية والاجتماعية وتلبيتها لكي نبعدهم عن التطرف ونقاوم هذا الوباء العالمي ) . وسألتهن هل يوجد مجال للحوار في الأسرة ؟ فأجابت نيابة عنهن الطالبة أفنان حامد الأحمدي :( بأن الأهل أصبحوا منفتحين أكثر في هذا العصر ، وأنهم يسمحوا للأبناء بالحوار ) . وقد وافقت الطالبات على قولها. وفي آخر اللقاء تحدثت مع المعلمة المشرفة (خلود ) وعبرت لها عن إعجابي بالفتيات ومدى قدرتهن على الحوار والمشاركة في مثل هذا المؤتمر الهام ، فكان تعليقها أنه تم إختيار الطالبات المتميزات للحضور .. وأجبتها بأنهن حقاً متميزات.