كان عليه الصلاة والسلام يربي الناس على الأخلاق العالية؛ حتى يخرج إلى العالم الأمة النموذج التي تستطيع أن تحقق مهمة العمارة والاستخلاف. لم تكن هناك حاجة إلى فضائيات تشغل الناس على مدار الساعة، ولا خطب يتسمر الصغار والكبار ساعات طويلة أمامها في مساجد ومراكز ومنتديات ومخيمات. هناك كانت العبارة الموحية، والعبرة المؤثرة، ويترك الإنسان ليقرر لنفسه الطريق الذي يمضي فيه طالما أن القرار بيده، وليس هناك سوى الوحي منهجا والرسول عليه الصلاة والسلام هاديا. في البخاري ومسلم، ضرب عليه الصلاة والسلام مثلاً عن أمة سبقت «اشترى رجل من رجل عقارا له. فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب. فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني. إنما اشتريت منك الأرض. ولم أبتع منك الذهب. فقال الذي شرى الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها. قال: فتحاكما إلى رجل. فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ فقال أحدهما: لي غلام. وقال الآخر: لي جارية. قال: أنكحوا الغلام الجارية. وأنفقوا على أنفسكما منه وتصدقا». وحين عاد المسلمون بكنوز كسرى إلى المدينة دمعت عينا الخليفة الفاروق رضي الله عنه، وقال: «إن قوما أدوا هذا لأمناء، فقال الإمام علي رضي الله عنه: عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا». التربية بالسلوك في البيت والمكتب، في الشركة والمؤسسة، في الدولة وفي غير الدولة أكثر وقعا في النفوس من كثير من المواعظ والأحاديث.