هل لدينا قاموس نعرف من خلاله صفات المسؤول وطبيعته النفسية حتى نعرف مستقبل العمل ؟!..لا أعتقد ذلك أو على الأقل هو آخر شيء يتم التفكير فيه..والدليل اختلاف جهة عن أخرى وإدارة عن غيرها..وحتى على المستوى الاجتماعي يختلف استقرار الأسر حسب السمات النفسية لكل رب أسرة. فماذا مثلا لو خرج اقتراح بأن يشمل الفحص الطبي قبل الزواج مستوى التوازن النفسي للمقبلين عليه ضمن قائمة الفحص ..من كثرة ما يحدث من عنف أسري بالعقال واللكمات وتبادل السباب ..وسرعان ما تنتهي المعركة بالطلاق أو بنزاع يطول في المحاكم حتى شهدنا وجود مكاتب للإرشاد الأسري للتحصين النفسي الطوعي للتأهيل على الزواج. ولكن ماذا عن علاقات العمل؟أظنكم ستتفقون معي أنها لا تخلو من مآسي خاصة عندما يظن البعض أن مسئوليته تشريف وليس تكليفا ..فيظهرون أنفسهم بخيلاء أجوف يثير الشفقة عليهم وفوق ذلك وقبله، يجلب غضب الله ومقته .. فيشقيهم في حياتهم أيما شقاء.. ومن يوجد فيه ذرة من ظلم تجده في دواخله أضعف مما يتصوره أحد. أي مسئول يخطئ عندما يظن أن بإمكانه التحكم في رقاب موظفيه.. وهذه هي الحفرة الأولى لسقوطه، ويسير نحوها دون أن يدري مصيره.. ومثل هذا الأسلوب يعد في علم ومبادئ الإدارة مرضا يستوجب العلاج واعادة التأهيل .. والأساس أن يتمتع كل شخص إداري بالتوازن النفسي، وتكون مهاراته وقدراته للارتقاء بالعمل والموظفين.. ولكن ما بال البعض يسير في الاتجاه الخاطئ فيضر بكل شيء، فلا استقام العمل ولا استقام الأداء.. وهذا هو الفشل بعينه..وانظروا إلى العديد من الحالات الإدارية حيث الإجابة على السؤال: لماذا التدني في هذه والفشل في تلك. علاقات العمل الإيجابية أساس كل مناخ محفز لضمان البذل والإخلاص.. بعكس التي يمارس فيها إرهاب وظيفي تتحول إلى تربة خصبة للضعف الذي يعكس خواء إداريا ويعجل بالفشل لغياب العنصر النفسي الذي يضبط توازن القرار وأداء العمل. كم من الموظفين لدينا تراجعت صحتهم النفسية،فكيف يؤدون عملهم؟ ولمصلحة من غياب التقييم المعنوي؟!.. بينما في الجهات الناجحة حكومية أو خاصة يتم رصد ذلك بدقة واهتمام.. وأي تدني في المعنويات تتم مراجعة السياسات اضطرابات الصحة النفسية شيء خطير وتؤثر على استقرار الفرد وقدرته على الأداء.. وبالتالي عدم قدرة الأسرة على الاستقرار ولا الموظف العمل على الإنتاج ولا الدارس التعليم ولا الإبداع ..والأصعب أن يغيب الوعي بخطورة ذلك ولا يجد له صدى عند الأطراف المعنية بتحقيق الاستقرار في كل هذه المستويات. وفي ظل هذا التراكم لا نستغرب ازدياد المشكلات على اختلاف مستوياتها وصورها وأسبابها، إن كان في الأسرة وما تتعرض له من هزات، أو في المدرسة وما نتابعه من حوادث في اتجاهين من الطلاب أو عليهم، ثم العنف الاجتماعي الذي زادت معدلاته مما يستدعي وقفة جادة مدعومة بخطة عامة ونشطة لدعم الصحة النفسية وإعادة أسباب الاستقرار. الواقع يدين غياب الاهتمام بالصحة النفسية والدليل أنها تساوي صفرا في كثير من جهات العمل، لأننا اعتدنا أن الموظف مجرد رقم في بيانات شؤون الموظفين..ولهذا ليس من المستغرب أن تنبه منظمة الصحة العالمية بضرورة تعزيز الصحة النفسية والتركيز على برامجها في مختلف الشرائح وصولا لتحسين بيئات العمل ونشر التنمية الصحية بمفهومها النفسي وليس العضوي فقط. لا يصح أبدا غياب مفهوم الصحة النفسية ثم يكون الحل فقط في إقامة المزيد من مستشفيات وعيادات الصحة النفسية .. لابد من استعادة زمام ثقافة الصحة النفسية لمواجهة ضغوط الحياة وأسباب الاكتئاب المتفشي. فهل من خطة وطنية لا تنتظر أسبوعا أو يوما عالميا للصحة النفسية ثم يمضي دون أثر .. وأن نجد مقاييس للوظائف الادارية ..وبرامج مستمرة وبكل الوسائل حتى تكون الصحة النفسية من أهم أسس حياتنا.. نقطة نظام :قال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".