بعث لي أحدث الأصدقاء بقصة جميلة ومؤثرة وهي قصة لأخوين كانا يعيشان في محبة وتوافق بمزرعتها التي تقع على جانب ترعة صغيرة، وكانا يزرعانها ويحصدانها معاً ويتقاسمان معيشتهما المشتركة في وئام تام .. حتى جاء يوم اندلع خلاف حاد بينهما وبدأ بسوء تفاهم أول الأمر، إلا أن الشيطان أذكى نار الخلاف بينهما وأجج الفتنة، وشيئاً فشيئاً إلى أن اتسعت هوة وحدَّة الخلاف بينهما وقاطع كل منهما الآخر فلا يكلمان بعضهما لعدة أسابيع. وذات يوم طرق باب الأخ الأكبر شخص يبحث عن عمل في مزرعتهما وقد قدّم نفسه على أنه عامل وصانع ماهر يمكن أن يعتمد عليه .. وعلى الفور أجابه الأخ الأكبر: نعم لديّ عمل مهم لك، وأشار بيده إلى الناحية الأخرى من الترعة قائلاً: هل ترى ذلك المنزل في الجانب الآخر من الترعة؟ فهناك يسكن أخي، وقد أساء إليَّ وآلمني كثيراً وانقطعت الصلة بيننا، وأريد منك أن تساعدني لكي أثبت له أنني قادر على أن أعمل بمفردي وأستغني عنه بل أنتقم لنفسي منه جراء تشدده ومواقفه معي. رد العامل عليه: وماذا تريد مني أن أعمل؟ فقال له أريد منك أن تبني لي سوراً عالياً يحجبه عني فلا أراه ولا يراني فرد العامل قائلاً: أعتقد أنني قد فهمت المطلوب .. وأعطاه الأخ الأكبر ما يلزم من مواد لبناء السور وتركه وسافر لفترة ريثما يبني له السور .. ثم عاد بعدها فكانت مفاجأة كبيرة في انتظاره. كان ينتظره أخوه الأصغر بفارغ الصبر مع العامل ليعانقه قائلاً: يا لك من أخ رائع .. بنيت جسراً رائعاً مثلك بيننا رغم كل ما بدر مني .. إنني حقّاً فخور بك وأقدم لك اعتذاري وأسفي وأعدك بعدم العودة إليه ثانية .. ذلك لأن العامل كان قد بنى جسرا جميلا على جانبي الترعة ليتواصلا بدلاً من بناء السور الذي طلبه منه الأخ الأكبر ليحجبهما عن بعضهما البعض.. في هذه الأثناء وبينما كانا يتعانقان جمع العامل معداته مستأذناً بالرحيل لكنهما صاحا وبصوت واحد: لا تذهب عنا انتظر يوجد عندنا عمل لك .. لكنه أجابهما: كنت أود ذلك لكني ذاهب لبناء جسور أخرى.. فهل نعي هذا الدرس .. وكم جسراً نحتاجه ليُبنى بيننا وبين إخواننا لاسيما المتخاصمين والمتناحرين .. بل كم عاملا نحتاج ليحول الأسوار بيننا إلى جسور محبة وتواصل بدلاً من القطيعة والخصام؟!!