في إحدى قرى الريف يوجد (بيتان) لأخوين متقابلين يفصل بينهما مجرى نهر (تتسَرْسَبْ) مياهه على شاكلة جداول جميلة المنظر تسر الخاطر وتكتحل بها العين..! وليس هذا هو المهم..فهذان الأخوان دخل بينهما الشيطان فتعاركا معاً وشتم كل منهما الآخر ولم ينفع تدخل الأصدقاء لإصلاح ذات البين بينهما..! وذات يوم أحضر الأخ الأكبر عاملاً وأمره ببناء سور على حافة النهر الذي يفصل بينه وبين أخيه الأصغر ليحجب عنه رؤية منزله واشترط عليه أن ينفذ ذلك خلال عشرة أيام وهي المدة التي سوف يغيب فيها لقضاء بعض حاجاته في المدينة المجاورة.. وترجم هذا العامل داخل وجدانه بأن ما يقصده الأخ الأكبر هو قطع صلة القرابة بينه وبين أخيه الأصغر.. وبعد عشرة أيام عاد الأخ الأكبر ليجد أن هذا العامل قد بنى له جسراً على النهر بدلاً من الجدار الذى يفصل بين بيته وبيت أخيه الأصغر ، وفتش عن العامل فلم يجده على الموقع فوقف مستغرباً يناظر هذا الجسر، وإذا بأخيه الأصغر يخرج من بيته ويهرول متجهاً نحوه ويعانقه قائلاًَ له لم أكن أتوقع أنك تحبني بهذه القوة وبهذا الحجم، لدرجة أنك تأمر العامل أن يبني بيني وبينك هذا الجسر للتقارب فيما بيننا..! فأصيب الأخ الأكبر بالدهشه ولم يتفوه بكلمة واحدة..! وإذا بالعامل يأتي وهو يبتسم بسعادة بالغة وقال للأخ الأكبر: ما رأيك في هذا الجسر أليس بجميل..؟ دعنا نطلق عليه جسر المحبة بينك وبين أخيك وأنا أعرف أنك تريد جداراً يفصل بينك وبينه لكن أنا تعودت أن أبني جسوراً للتواصل بين الناس لتكون هي طريق التآخي والمحبة وسوف أذهب لأبني جسراً آخر، وودعهما ورحل..! هذه قصة تبين مدى القيم الأخلاقية الرفيعة في حب التواصل وبَث روح الألفة والتقارب والتسامح بين الناس التي هي أكبر مراتب القوة، أما الانتقام فهو أول مظاهر الضعف، فليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور والحقد، وهذاالذى يؤدي إلى تأجيج الفراق بين الإخوة والأصدقاء..! وقد أظهرت هذه القصة أن العاقل من تجاوز عن هفوات الآخرين وتناسى أخطاءهم وغض طرفه عن زلتهم، فلا تدفع الإنسان هفوة بدرت من أخيه إلى مقاطعته بل لا بد من استحضار محاسنه لتشفع له ولنا في قول الحق تبارك وتعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).. فعلينا التخلق بأخلاق القرآن والتمعن في أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم لنبلغ أسمى آيات المحبة والتواصل والتسامح.!