تعد المعالم التاريخية الإسلامية رموزاً عميقة التجذر في قلوب المسلمين، وإذا كانت ألفة القرب تحجب بعض الحب فإن شوق البعد يبقيه متوقداً باهراً على المدى.. ومهما قلنا عن محبتنا لرموز المكان مثل "حراء" و"ثور" والمشاعر في عرفات ومنى، وعبق طيبة في قباء وأحد والبقيع، ومن قبل تلك كلها الحرمين الشريفين فإن المسلمين الذين يأتون من الآفاق يحملون في جوانحهم قدرا من الشوق لا نستطيع ان نقيس شدته الحرارية، وتوتره الكهربي. هكذا.. فسرت صدور مجلة عربية من تركيا تحمل اسم "حراء" الذي اضاء منه النور الإلهي في لحظته الأولى. وبذلك تأخذ هذه المجلة دلالات عميقة، عمق الزمان المرتبط بعبق المكان في قمة جبل النور، في غار "حراء" لتستوحي أن هذه الاضاءة ارتداد لذلك النور الذي انطلق من "حراء" فبلغ الآفاق، انه لم ينطفئ ابداً رغم توهم الذين حاولوا ان يطفئوا نور الله بأفواههم أنه قد خبا وفي طريقه إلى الانطفاء!! لقد حاولت العلمانية المتدثرة بعباءة العدل والحرية والمساواة زوراً وبهتانا أن تطفئ في معقل دولة الخلافة الإسلامية في نموذجها العثماني - حاولت أن تطفئ أو تطمس كل أثر إسلامي في ضمير الشعب التركي المسلم، فأبدلت الحروف اللاتينية بالعربية، وترجمت الأذان إلى اللغة التركية، فصادرت التراث الثقافي المكتوب باللغة العربية، واحدثت قطيعة معرفية بين الأبناء والآباء والأجداد سعياً لتغريب تركيا المسلمة، ولكن الله غالب على أمره؛ فهاهو ذا النور الذي انبعث من حراء نحو العالم كله ينعكس أقوى ما يكون لمعاناً وتوهجاً في مثل هذا الرمز الثقافي مجلة "حراء" التي ما كانت لتظهر لولا أن النور الإيماني - نور حراء الأول قد تلألأ في ملايين القلوب المؤمنة من الشعب التركي من خلال المخلصين لدين الله في مسيرة جماعة النور، والسلامة، والعدالة والتنمية، وتضحية "عدنان مندريس" وغيره ممن نعرفهم أو لا نعرفهم.. عبر آلاف المدارس للائمة والخطباء. مجلة حراء في عددها الثامن عشر من سنتها الخامسة "الآن" نقطة اضاءة لا تنطفئ إن شاء الله في مسيرة الإسلام بتركيا.