لقد أنشأ الملك مجلس الشورى ليقدم له المشورة في جميع الامور المهمة وذات يوم جاء الملك للمجلس وتحدث للشورى واستشاط غضباً وضرب بعصاه السجاد ونهر أعضاء المجلس قائلا: "أي نوع من المستشارين أنتم؟ أجيء إليكم طالباً للرأي فلا أجد منكم إلا هزًّا للرؤوس وإقرارًا لكل ما اقوله؟ لا فائدة لي أو للبلاد إذا كنتم جميعا تهزون رؤوسكم دليل الموافقة، اذهبوا فلست اريدكم". هذا كان كلام القائد والرائد والإمام والشيخ والملك والسلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل الذي خاض الوغى وصان الحمى ورحم الصغير وعفا عن العدو واكرم الضيف وتنازل عن الحق الشخصي ووقف مع الكرامة العربية والشريعة الاسلامية. حياته كلها مواقف وعبر، فلله دره من رجل شديد القوة شديد الايمان شديد التسامح ثاقب البصيرة، كان مع الله في كل تصرفاته فكان الله معه في حياته ينصره حتى مماته يسخر له الرجال والاحداث العظام وكل ما في الجزيرة ليحقق على يديه وحدة هذه البلاد المقدسة فتكون دوحة للسلام وملاذًا لكل هارب بدينه او عروبته لتكون بلادا من اعظم بلاد العرب والمسلمين فثبت فيها الامن والشريعة ومنع منها الظلم والقطيعة واكرم أهلها ووافديها ، كان صريحا فلا يجامل إلا بمقدار ولا يخاصم إلا دقائق يعود بعدها لأريحيته ولطفه وحبه لكل الناس، تذكرت هذا الملك العظيم اليوم وأنا أودع حبيبي وصديق والدي وصديقي واستاذي ووالدي الشيخ الفاضل والشاعر والأديب والرياضي العريق عبدالحميد مشخص الذي ما كنت لأجلس معه وأسأله في أمر إلا ويذكر فيه هذا الملك العظيم وحكمته، فكنت أتعلم منه ومن هذه السيرة العطرة الشيء الكثير وقد تأثرت بها كثيرا فأنا قليل المجاملة حاد اللسان صريح ينفر الناس مني إذا غضبت وقد لا يستحسنون كثيراً الحديث معي لصراحتي المتناهية وقد أتهم بالفظاظة والكبر وأبرأ لله أن أكون كذلك فأنا احب كل الناس وهم في عيني افضل مني بالقياس على الطريقة التي شرعها الله. رحم الله الملك العظيم عبدالعزيز وأبناءه الملوك السابقين ورحم الله اولئك الرجال الذين كانوا حول هذا الملك واعانوه ليكون هذا البلد العظيم المملكة العربية السعودية. وأسأل الله أن يوفق الملك عبدالله وولي عهده لكل ما يحب ويرضى، والله الله على الصراحة والحزم في وقت الحاجة. والله الله على الرحمة والكرم في وقت الحاجة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.