هذا العنوان هو لسان حال الفاسدين إدارياً والموجه لجميع الجهات الرقابية الإدارية، لأن الفاسد يعرف الطريقة الشكلية العتيقة التي يمارسها مفتشو أو مراقبو هذه الجهات طوال العام وتشتد كثافتها عند هطول الأمطار وسيلان الأودية. لذلك لا يهاب الفاسد أدوات الرقابة ويجلس في (السولدير) يصرف قليلاً مما جمعه من الفساد على عشاء مع سيجار (المنتو كريستو) وآخر همه الجهات الرقابية التي ترفع تقاريرها السنوية تكرر أرقاماً وعبارات ذكرتها كل القطاعات نفسها في تقاريرها. لماذا كل هذا الاطمئنان من قبل الموظف الفاسد؟ هل لأنه خريج جامعة (MIT ) ولديه من المهارات ما يفوق مالدى الأجهزة الرقابية؟ طبعاً قبل أن أسترسل لابد أن أتوقف لأقول أنه ليس من المعقول أن يكون خريج مثل هذه الجامعة المتقدمة عالمياً موظفاً فاسداً على الأقل ليس عندنا، لأن الموظف الفاسد المطمئن الذي أتحدث عنه هو فاشل ولذلك أصبح فاسداً، واطمئنانه منبعه الوحيد معرفته لسطحية وروتينية الإجراء الذي يقوم به مفتش الرقابة في جميع الأحوال ويشهد بذلك الحال. إذا كانت الجهة الرقابية تفتش عن الإجراءات النظامية، فأصغر الفاسدين لن يقوم بعمل يجلب الملايين ويتجاهل استكمال كل الإجراءات المطلوبة، وبناءً عليه يعتبر المفتش أن المعاملة مستوفية الإجراء بحيث أنها تمت من خلال دراسة، مناقصة، عقود ومواصفات، ومواعيد وطريقة دفع. لا يهم المفتش أو - بطريقة أكثر وضوحاً - لا يعرف المفتش بسبب نوعية تجهيزه النظر بين السطور والأرقام لمعرفة حقيقة اللئام، ولأنه غير مجهز، محفز فهو لا يهتم ويعتبر نفسه قد أدى الواجب برفع التقرير الروتيني.سوف يفقد الموظف الفاسد تلك الطمأنينة ويبدأ يلف حول سرير نومه بدلاً من الجلسات إياها ويستبدل السيجار الكوبي (بمارلبورو أحمر) إذا تأكد من وجود مفتشين يفقهون في روائح المعاملات ومقاديرها التي أخرجت تلك النكهات التي تفتح شهية المفتش المدرب لهذا النوع من العمل البوليسي الإداري، سوف يبحث عن إحتياجات ليقارنها بتكاليف ويطبقها على الطبيعة ليعرف العمر والوزن، لا ينظر للإجراءات قبل أن يتحقق من الكيفية التي تمت بها كل الخطوات ويقيسها بالكمية التي دفعت مقابلها المليارات.عندما يعرف الفاسد أن هنالك مفتشين مؤهلين لا يرتبطون بالروتين لكنهم يستطيعون كشف أساليب الفساد ويفندونها وبأنظمة العقوبة الصارمة يجعلون حياة الفاسد كلها أنيناً، سوف ترتفع نسبة البطالة في سوق الفساد وفي المقابل سنجد أنفسنا أمام بعض المخلصين والمبدعين الذين خبأهم المفسدون بل كانوا ينعتونهم بالضالين. أساليب الفساد تتطور بشكل سريع لذلك يجب أن نطور كوادر الرقابة وأساليبها والتي لن نجني ثمارها إذا لم يقابلها عقوبة صارمة من خلال محاكمة سريعة والتشهير بالفاسد لأنه كان يعرف هذا المصير وهو من قرر أن يسير فيه وحتى تكون هذه العقوبات عبرة للآخرين وعامل تشجيع للإنتاج والمنتجين. عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا