لن أتحدث عن الكارثة، والذين ابتلعهم الوحل، والفساد الذي نخر جسد جدة. ولن أتحدث عن الحرقة التي غيبت وجه العيد، فهناك من كتب ومازال يكتب عن الأربعاء الذي علق في ذاكرتنا وكم تمنيت لو أنه ورقة تقويم تسقط لتصبح مجرد ذكرى نطويها. البكائيات لن تجدي نفعاً، ولن تعيد لنا الوجه المشرق وضحكة الحارات الطيبة، وصورة مريم التي غابت وهي تحلم بالعيد، وقلب العم جابر الذي لم يحتمل فسكت إلى الأبد. علينا أن ننهض من حزننا ونمد أيدينا لجدة وأهلها الطيبين وبتكاتف مؤسسات الدولة التي يجب أن تعي دورها وتستفيق من لحظات الشرود الطويل، فيكفي كارثة الأربعاء.. لا نرغب بيوم آخر نسطره ونرويه حكاية سوداء للمستقبل. لننطلق من حيث بدأ خادم الحرمين الشريفين عندما ضرب بعدله هامة الفساد، لندفن أحزاننا في صدورنا ونعاود السير فالحياة أقصر من أن نقضيها في لطم الخدود ولعن الظلام. يا شباب جدة هذه لحظتكم التي سيخلدها التاريخ فما أنتم فاعلون؟ مدوا أيديكم وزينوا وجه العروس، أعيدوها حلوة تحلم بصوت الزغاريد ودق الطبول وكلي ثقة أنكم أبناء بررة لن تخذلوها، اجعلوا منها طائر الفينيق الذي نهض من تحت الرماد أو روما التي نجت من نيران نيرون. وقبل أن أطوي الصفحة البالية سأوجه دعوة لكل كاتب عمود.. عليك أنت أيضا أن تطوي صفحة الفاجعة وتُسخر قلمك وعمودك لشحذ الهمم وبعث الحماس، فما ذهب لن يعود، نحن نتطلع لمستقبل مشرق وما حدث لجدة قدر أراده الله ليكشف به أقنعة الزيف والفساد. من هذا المنبر أدعو كل الصحف أن تلبس شعارا موحدا نسميه (زينوا جدة) تتوحد فيه الأقلام والأعمدة لتصدح في كل ركن من أركان هذا الوطن، لينهض الجميع دون استثناء مؤسسات وأفراد من أجل إعادة الوجه البهي لجدة. خفف الله عنكِ المصاب يا جدة وأزال الغمة وجبر كسر القلوب وتغمد الأموات برحمته. لمحة عابرة : قدرنا أن نُفجع بمن نحب، وقدرنا أن الفاجعة كانت في الجنوب وجدة. [email protected]