* قبل ثلاثة عقود أو اكثر .. حتى لا نكبر أنفسنا فمازالت قلوبنا خضراء.. وولاؤنا لبطل الكؤوس الأخضر علامة فارقة في حياتنا الانسانية. تشرفت باستقباله وزميلنا الجميل شيخ الصحفيين الاقتصاديين "البريمو" في كل الصحفات والكتابات "أبوأحمد" الذي سماه الله كما يقول اخواننا المغاربة "شاكر عبدالعزيز" في مطار جدة الدولي وصحبتهم في سيارتي الداتسون الى مقر اقامتهم في النزل الفندقي في وسط البلد بالعروس "جدة". ليكونا قريبين من مقر مؤسسة البلاد الصحفية الرائدة في عمارة باخشب ودارت الايام على رأي ست الكل "ام كلثوم" وتغيرت تضاريس وجوهنا وان كنت مازلت بسماري الاصلي الذي لا يتأثر بعوامل التعرية.. بينما الزميلان العزيزان غزا الشيب مفرقهما وادمانهما على الكبسة السعودية بنوعيها .. ولم تتغير علاقاتنا الاخوية والانسانية. واذا أردت ان اكتب عن تاريخهما المضيء في الصحافة السعودية وبالذات جريدتنا الجامعة "البلاد" التي اصبحا من المؤثرين في تاريخها الاعلامي. فسوف يحتاج الامر مني الى وقفات وصفحات عديدة لسرد حكاياتهم مع صاحبة الجلالة "الصحافة" ولكني سأتطرق "هنا" الى الفنان الاستاذ محمد يوسف المخرج الرائع الذي كان يرعاه الصحفي المؤسس الكبير الاستاذ علي أمين مكتشف نجوم الصحافة في مدرسة اخبار اليوم الصحفية المصرية الرائدة. ولو بقي في موقعه لوصل الى اعلى المناصب والدرجات .. ولكنه اختار بوابة الحرمين الشريفين "جدة" مقرا للعمل والعبادة.. وبقي في موقعه كل هذه الفترة الطويلة ليقدم لنا ابداعاته الفنية ورسوماته الشيطانية التي كانت تخيفنا في سنوات البدايات التي لم نكن نألف مثلها في صحافتنا وكنا ونحن نخرج مواضيعنا الصحفية من التحقيقات والاستطلاعات وحتى الاراء والكتابات الفنية والادبية معه .. نوصيه ان يكون كريما في زيادة الصفيح في تلك الصفحات لتبدو اكثر تألقاً وجمالاً .. وكان الصفيح عبارة عن الرسوم والنقوش الاسلامية والهندسية التي كانت جديدة في عالم صحافة الرصاص والاكلشيهات التي تلك الحقبة الزمنية. عندما التقيت بالصديق المخرج محمد يوسف كان شاباً يكبرني في العمر فتى غريراً كما قال الشاعر إيليا أبو ماضي في وصف نفسه .. اشبه بنجوم السينما في هيوليود العرب "القاهرة" HANSOME من اليسار الى اليمين رشيقي ورياضي .. شعره مسبسب شعر هندي .. وكنا بعُقولنا الصغيرة الرفيعة والغترة البيضاء المنشأة نقف أمامه طويلا اعجابا بشخصيته الانسانية وثقافته الصحفية. وقد اختلف الآن بعد هذا السن والخبرة والشعر الابيض الذي احاله الى رجل ونص على رأي صديقنا الساخر يحيى باجنيد بعد ان زادت خبرته وتجاوزت الاخراج وإحالة الاوراق والفسيخ الى شربات. فما الذي جعله يمكث بيننا كل هذا العمر من حياته.. إنه الولاء والاخلاص لهذا الكيان الاعلامي "البلاد" الجريدة التي اصبحت من نسيج حياته حتى انه لا يغادر مكتبه بعد الدوام بل يحرص على ان يمكث بين اوراقه واقلامه الملونة ساعات اضافية بلا مقابل. ويرفض العروض التي قدمت له من الصحف الاخرى بمغرياتها المادية والمعنوية ويفضل ان يقطع اجازاته ليعود لمنزله الاول الذي قدم له زهرة شبابه وابداعاته وحتى جدد التواصل مع اصدقاء وزملاء العُمر الذين تجاوزت علاقته بهم الديسك ومكاتب الاخبار والجريدة الى العلاقات الاسرية. مرت كل سنوات علاقاتنا وصداقتنا المستمرة ان شاء الله بالحب والعطاء امامي وانا اتأمله ذات مساء غارقاً في أوراق اخراجه التي شملت الكمبيوتر ليواكب العصر والتطور الذي تعيشه اقدم الصحف السعودية ونجومها الجدد من ابناء البلد والاشقاء العرب من كل الاطياف الانسانية.. وشعره الابيض بأناقته وطوله كفنان بوهيمي يزيده وقاراً وأهمية. وسألت نفسي متى سيقدم لنا من الذاكرة شريط ذكرياته مع الصحافة السعودية والرؤساء والصحفيين الذين عاصرهم على امتداد تاريخه.. ومتى أيضاً نكرمه والزميل العزيز شاكر عبدالعزيز نظير ما قدموه لنا من تحايا وحب مستمر. دعواتي لهم بالصحة وطول العمر .. والسلام المباشر الدائم عليهم.. وتجديد الذكريات والضحك من القلب لمواقف لا تنسى .. وبس! ناشر ورئيس تحرير مجلة العقارية عضو هيئة الصحفيين السعوديين