ما خلفه تقرير الساينس من سجال يدعوني للقول إن مشكلتنا ثقافية اجتماعية من حيث ردة الفعل التي نقوم بها أحيانا ولا تجد ما يبررها فعند صدور تقرير الساينس عشنا حملة عنيفة لبضعة أيام ضد جامعتي الملك عبدالعزيز والملك سعود ووضعنا حبل المشنقة في رقبتيهما وبعد تلك (البضعة أيام) انقلبت الموازين فتلاشت الحملة العنيفة وعدنا لصوابنا فتحدثنا بعقلانية ومنطق بعد أن عرفنا المشكلة وحددناها بأن قليلين قرأوا تقرير الساينس وأن الذين طاروا بالعجة اعتمدوا على العناوين فقط، وأحمد لجامعة الملك سعود سلوكها الحضاري بأن ترجمت التقرير كاملا ووضعته على موقعها الالكتروني وطبعته في صحيفتها الأسبوعية، فمن قرأ التقرير يتأكد بنفسه أن العناوين كانت براقة وكتبت بخبث وأن محتوى التقرير لا يعكس تلك العناوين فقد أخذ الكاتب آراء مجموعة من العلماء الذين تتعاون معهم جامعاتنا ومجمل آرائهم كانت ايجابية وتؤكد جدية التعاون، بل إن مصطلح (شراء البحوث) لم يورده الكاتب وإنما ورد في نص ترجمة لمقالة نشرت في إحدى صحفنا المحلية للدكتور محمد القنيبط. وحقيقة سألت نفسي بعد قراءتي للنص الأصلي للتقرير مرارا ما المشكلة؟ ففي رأيي أن مقال الساينس كان إيجابيا لأن حراك جامعاتنا البحثي كان لافتا لهذه المجلة العريقة، ولأنني أعرف أن مجلة الساينس ذاتها سبق وأن خرجت بمقالات مماثلة تناولت فيها جامعات الصين وتركيا وسنغافوره وكوريا الجنوبية خلال العقدين المنصرمين واليوم هذه الدول هي من يقود حراك الاقتصاد المعرفي في العالم، إذن نشاط جامعاتنا البحثي لافت فلو كانت جامعاتنا في سبات بحثي لما كتبت عنا هذه المجلة. (طرنا بالعجة) فعلا فالمجلة أطلقت تهما في حق جامعاتنا بطريقة أراها مقبولة إلا أننا أحلنا التهم هذه إلى إدانات بشكل عجيب والأكثر غرابة لمن يقرأ التقرير أن اتهامات الساينس لم تكن لجامعتين فقط فجامعة الملك فهد أشير إليها في التقرير وكذلك وزارة التعليم العالي وهو ما يؤكد عدم قراءتنا للتقرير والمؤسف أن (عدم القراءة) للتقرير طال بعض صحفنا الورقية والالكترونية فطارت هي بالعجة كذلك! وهي بالتأكيد أثرت على الرأي العام وعلى التعاطي في تويتر والفيسبوك. وأقول لهؤلاء الذين طاروا بالعجة اقرأوا النص بالكامل بهدوء لتكتشفوا فداحة خطئكم، ولقد أعجبني في ذلك ما كتبه جراح القلب العالمي الشهير المواطن المخلص البروفيسور محمد بن راشد الفقيه (مقالات مجلة «ساينس» الأمريكية عن الجامعات السعودية.. تخبط وتناقض ومواقف سياسية ودينية صحيفة الشرق الأوسط العدد 12080) الذي أعطاني أملا بأن في الوطن من يقرأ ويكتب بإنصاف بعد أن نقل ابداع مشرطه في تحليل المقالة ووضعها تحت الضوء، وكذلك ما كتبه البروفيسور أحمد بن عثمان التويجري (فصل الخطاب في مزاعم كاتب مجلة ساينس الكذاب جريدة الجزيرة العدد 14334). إنني أدعو مرة أخرى هؤلاء الذين طاروا بالعجة لقراءة مقالة الساينس وعدم الاكتفاء بالعناوين ليكتشفوا تعجلهم، وأقول لهم إن جامعاتنا تعيش ذروة النشاط العلمي والبحثي لأن عصر خادم الحرمين عصر البحث والتطوير والعلم وهي حقبة ذهبية تعيشها بلادنا تحت قيادة هذا الرجل العظيم وجامعاتنا بالتأكيد تستثمر ذلك، وأقول لقيادتنا رعاهم الله سيروا على نهجكم في دعم البحث العلمي ودعم جامعاتنا لأن الآخر لا يريدنا منافسا له ولا أمل في مستقبل بلادنا إلا بمركبة البحث والتطوير وهي مركبة لا يمكن أن تنطلق إلا من جامعاتنا. والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض. البريد: [email protected] الموقع: www.z-kutbi.com