القرية هي المنبع الصافي لثقافة الكثيرين ممن تسنموا مواقع إدارية وقيادية عالية على مستوى مساحة الوطن. القرية هي الكتاب الحقيقي لتعليم الفضائل الحميدة كالتواضع والبساطة والتسامح وعمل الخير وحب العمل. القرية الكراس والمرسم ودفتر الواجب لتنمية التقارب والحميمية. وفي رغدان القرية التي تتسنم أعالي جبال السراة ويلتف حول جيدها وادي قوب ويتوج جبينها أجمل غابات الجنوب " غابة رغدان " في هذه القرية قبل خمسين عاماً وُلد ونشأ وترعرع سراج بن أحمد ..لم تكن أسرته باذخة المال .. والداه " يرحمهما الله " كانا أميين ..إلا أنهما نجحا وبدرجة عالية في تربية أبنائهم ومن بينهم سراج الذي يُعد استثناء بين أطفال القرية في نبوغه المبكر وذكائه وحسن تعامله .. ففي سني دراساته لم ينزل عن الترتيب الأول ليس على مستوى مدرسة رغدان بل الأول على مستوى مدارس منطقة الباحة وكان معلموه يسبغون عليه عبارات الإشادة والثناء لتفوقه الدراسي وقدراته العالية وأخلاقه الحميدة. أثناء ما كان طالباً في المرحلة الثانوية ابتدر فكرة تأسيس ناد ثقافي وطرح الفكرة على زملائه الذين في سنه وقوبلت بالاستحسان وسارعوا في جمع عدد من الكتب الثقافية في الرواية،القصة، الشعر، الأدب وبالفعل تم إنشاء مكتبة صغيرة في أحد المنازل الحجرية القديمة .. ونمت عند الكثيرين منهم هواية القراءة نظرا لمطارحة الآراء والأفكار التي ترد في الكتب .. وزاد طموح هذه الفئة الشبابية للتعريف بأحياء القرية ومنتزهاتها من خلال كتابة لوحات دعائية وإرشادية نُصبت في مداخل القرية ومخارجها.. ومما يتميز به سراج قدرته الفائقة في حفظ قصيدة الشاعر الشعبي ساعة الانتهاء منها إذ يمتلك ذاكرة قوية وخصوصاً قصائد الشاعر خرصان يرحمه الله. وبعد أن حصل سراج على نسبة عالية في التوجيهي انتظم في كلية الهندسة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة . واصطدم في البدايات بمشكلة عدم توفر السكن ,فالجامعة وقتئذ لم تؤمن سكناً للطلاب ولا ملجأ للسكنى سوى المقاهي .. وليس بمقدوره وغيره توفبر سكن خاص نظراً للظروف المادية الصعبة .. مما فكر في الانسحاب .. إلا انه تجاسر على هذه المشكلة وتحمّل حرارة ورطوبة جدة العاليتين وكذلك الصخب الذي يحدثه مرتادو المقهى واستمر على هذا الوضع حتى أنهت الجامعة المشكلة بتوفير سكن طلابي ولكن بعد مضي فصل دراسي. رغم الصعوبات التي واجهته حصل سراج على شهادة البكالوريوس وبتفوق من كلية الهندسة واستلم مهام عمله رئيساً للقسم الفني في بلدية الباحة لتتابع المناصب الإدارية رئيساً للمجمع القروي في محافظة العقيق ، رئيساً لبلدية محافظة القرى وحالياً رئيساً لبلدية النماص وفي جميع هذه المواقع له بصمات إدارية وتخطيطية وهندسية واضحة ويمكن مشاهدة التنامي الذي تشهده حاليا مدينة النماص. ولأن القيادة فطرية في شخصية المهندس سراج فقد عني بالاهتمام بالنمط المعماري القديم والتراث الإنساني الجميل من خلال إعادة تأهيل القرى التراثية والأثرية في محافظة النماص لتصبح متاحف جديرة بالزيارة. وقد أشاد سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بهذا المشروع الذي يزيد من رصيد السياحة في النماص. بقي جوانب مضيئة في شخصية المهندس سراج تتمثل في حبه لعمل الخير ، الدقة في العمل ، الحرص على مصالح الناس ، الصداقات الواسعة التي يتميز بها. المهندس سراج جدير بموقع إداري عالٍ نظراً لنجاحاته التعليمية والإدارية والهندسية.