العناية والاهتمام بالقرآن والسنة تعلماً وتعليماً، ونشراً وعملاً، من أوجب الواجبات على المسلمين، والمملكة العربية السعودية تأسيساً وتاريخاً قامت بهذا الواجب العظيم.. ولعلي أسوق شاهداً واحداً، وهو غيض من فيض، وجرعة من نهر، ألا وهو الصرح العظيم لطباعة القرآن الكريم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينةالمنورة، هذا المجمع الذي مد المسلمين في مختلف أماكنهم ومراكزهم وتجمعاتهم بمئات الملايين من النسخ من القرآن الكريم وتفسيره، وترجمات معانيه، ومن كتب السنة والسيرة، وهو عمل عملاق لا يوجد له نظير في العالم كله، أقامته المملكة خدمة للقرآن الكريم، ولأمة القرآن، يضاف إلى عطاء المملكة ومكرماتها العظيمة، ومن أبرزها العناية بالحرمين الشريفين إعماراً وتوسعة إلى جانب جهود المملكة المتواصل الذي يصب في خدمة الإسلام والمسلمين. والمملكة العربية السعودية حينما تقوم بهذه الأعمال في خدمة الإسلام والمسلمين، إنما تمارس دورها الطبيعي والقيادي في الأمتين العربية والإسلامية، وتنفذ أمر الله في العناية بكتاب الله الكريم، ورعاية حفظته وحملته. ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة المدينةالمنورة، لفعاليات ندوة "القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة.. تقنية المعلومات"، التي ينظمها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بمقره بالمدينةالمنورة، خلال الفترة من 24 26 شوال 1430ه، هي تجسيد للاهتمام والعناية اللذان يوليها ولاة الأمر حفظهم الله تعالى للقرآن الكريم وأهله، وللعمل الإسلامي بكامله، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ، وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز، يتابعون بأنفسهم المناشط الإسلامية، وشؤون الدعوة إلى الله في مختلف مناطق العالم، ويبذلون الغالي والنفيس في سبيل دينهم دفاعاً عنه، ونشراً له، وإعزازاً للعلماء ورثة الأنبياء، حملة القرآن الكريم والسنة النبوية، والدعوة إليهما، ومنذ ما يزيد على شهر تقريباً، وفي طيبة الطيبة، كان سمو النائب الثاني يكرم أهل السنة، كما هو الحال سنوياً في جائزة سموه للسنة، وهكذا تتوالى مناسبات الخير في بلد الخير. إن هذه الندوة ثمرة من ثمار مجمع الملك فهد، وهي من بذور الخير التي غرسها ولاة الأمر في خدمة الإسلام والمسلمين، فقد دأب المجمع على إقامة سلسلة من الندوات العلمية المتميزة، بدأت أولاها عام 1421ه، بندوة "عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه"، تلاها الندوة الثانية بعنوان : "ترجمة معاني القرآن الكريم تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل" عام 1423ه، وكانت الندوة الثالثة "عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية" عام 1425ه، والرابعة "القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية" عام 1427ه، وهذه هي الندوة الخامسة. إن هذه الندوة امتداد لرسالة المجمع السامية في خدمة القرآن الكريم وعلومه، وهي ترجمة لأهدافه التي رسمها المؤسسون له، وتتويجاً لعطاءته الخيرة المباركة التي تتطور مع تطور الزمن ومعطياته ولا أدل على ذلك من هذه الندوة، فهي تهدف إلى بيان أهمية تطويع تقنية المعلومات في استخدام برامج القرآن الكريم عمليا، لتيسير تعلم القرآن الكريم وتعليمه، وإبراز دور المجتمع في هذا السبيل، وبيان الأحكام الطارئة الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه، ودراسة إيجاد برمجيات مساعدة في خدمة القرآن الكريم والتحذير من البرامج المعادية للقرآن الكريم. نعم هذه بلادنا المملكة العربية السعودية تؤكد في كل يوم، بل في كل ساعة ولحظة، أنها موئل الدين، وموطن الحرمين الشريفين، ومهوى أفئدة المسلمين، ومبعث الرسالة، وحاملة لواء الدعوة، وتتشرف بريادة العالم الإسلامي وقيادته، وسيظل مجمع الملك فهد علامة بارزة مع سلسلة المنجزات والأعمال المنفذة في خدمة الإسلام والمسلمين. والله أسأل أن يوفق جميع المسلمين حكاماً ومحكومين إلى الاهتداء بهدي الكتاب والسنة، والعمل بهما.