في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات الهجرية كان يقام في تلك الارض الواسعة بجانب – البقيع – بالمدينة المنورة سرادق كبير تتوسطه "شاشة" بيضاء ضخمة ويتم عليها عرض ذلك الفيلم التاريخي الشهير "فتح الرياض" والذي كنا نتابعه ونحن مشدودي الاعصاب والإعجاب بتلك الشجاعة التي أبداها مؤسس هذا الكيان الكبير وبعض رفاقه.. كانت صور الفيلم وموسيقاه التصويرية المؤثرة في ذلك الفضاء وظلمة الليل المحيط بالسرادق تأخذنا بعيداً في لهفة المتابعة لما يجري أمامنا على الشاشة من أحداث مؤثرة.. ثم يعقب عرض ذلك الفيلم عرض لمرافق استخراج الزيت بتلك الآلات الضخمة وذلك العامل المعتمر قبعته على رأسه وهو يحاول إمساك أو تعديل ذلك الانبوب الذي يغرس في الارض في عملية تنقيب عن "الزيت" في تلك الصحراء المقفرة، ثم تنتقل بك "الكاميرا" الى نخيل "الاحساء" وعيونه السبع وذلك الصبي الجالس تحت جذع احدى النخيل حافي القدمين حاسر الرأس "يفرك" عينيه من أثر مرض "التراخوما" المنتشر ايامها وكيف تتم العناية به وبأحواله. كانت تلك الصور تنثال امامنا على "الشاشة" ونحن مذهولين بما نرى ونشاهد. حيث يظل ذلك "السرادق" لأيام مفتوحا أمام زواره معرفاً بمهام تلك الشركة الكبيرة "أرامكو". لقد كانت أرامكو بتلك البدايات القوية في حركة التغيير سواء في ادخالها "للتلفزيون" الذي يعتبر اول "بث" تلفزيوني في العالم العربي او بمجلة قافلة الزيت التي كان أحد كتابها الاستاذ الكبير محمود العقاد عندما كتب مقالاً لها بعنوان "قافلة". لقد كانت بجانب مسؤولياتها الضخمة وحساسيتها كانت تحرص على تفتيق الذهن لدى المواطن السعودي، ولا أدري لماذا ابتعدت عن ذلك النهج "التوعوي" الذي كانت تقوم به في ذلك الزمان؟ ..إنه زمن البراءة .