كانت مواويل الشوق هي النداء الذي يتجدد بين القلب والقلب ليعطي فرح الايام لكل ما يأتي، ويقتل هجير البوح المتشرنق في خيوط الامل. منذ ان تفتحت عيناي على وهجك فكنت نبت الارض التي يسكنها الفرح والاخضرار، ايامي يا سيدتي اصيبت بالعقم بعد رحيلك فأصبح ليلي قاسياً بعد ان كان يبادر إخصاباً، لقد أغمضت عينيّ لاراك هناك تطيرين بجناحين من نور، إنني اتساءل كيف استطعت ان تحدثي في صحرائنا هذا العشب الاخضر الجميل الذي أحالها إلى جنائن ورد وعرائش عنب ومشاتل زهر وياسمين. إنني أتساءل كيف تمكنت من أن تجعلي النوم يرحل عن عيون كانت تبحث عن الصحو فلا تفيق. ** لا أدري يا أيتها السيدة الجليلة لماذا هذا الانسان يعلن عن كراهيته وحقده وسوداويته على اخيه الانسان، هل نحن ضد الوئام وقاتلون لبوادر الخير والجمال في الانسان لماذا تسرقنا الاحقاد وتبعدنا عن مدن الطيبة لتضعنا في غابات المر لنخطو على اشواك السدر ونطعم حبات الحنظل، ونترك اكمام الفل والريحان انني اتساءل لماذا لا تكون نفوسنا سامية ترتفع الى ما هو سامٍ وغالٍ؟ لقد اكتشفت كل ذلك بعد رحيلك لماذا لا نجعلها ترتفع في جنباتها الطيبة وينام فيها السماح ذلك السماح الذي أرضعتيني إياه أيتها الأم الرؤم. ** حين أذكرك يضيع مني الكلام وتتخشب على لساني كل الحروف وتموت كل الضحكات فغيابك أخرس كل شيء في نفسي. ** أدخل ألف مدينة ومدينة أسأل عنك كل الواقفين على الأبواب. ** كل الساهرين تحت نجوم السمر ورقصات الأفراح وأخطف من عيون الليل طيفك لعلي أرتاح. ** أدخل بك في مغارات الأيام أهدهد أحلامي فاستعيد رؤياك فأفتح من باب التوحد صداك الذي لا يغيب ولا ينام. ** ** حين أذكرك تتوقف حركة الأشياء في داخلي فهذا رمضان يأتي من جديد وأنت يا أمي تغيبين. ** تعرفين "يا أمي" أن ما بين قلبي وقلمي تطير حمامة الشوق الذي انكسر بالصمت، ما بين قلبي وبوحي تتورد شمعة على ضوئها أرى ذلك الحلم الذي أحياه اللحظة كأنه الحقيقة التي تملأ حياتي، إنني أرشف رحقيك كأنه السلسبيل المختوم، ختامه مسك، هكذا أراك من خلف السدوم، كأنك لم ترحلي وإن كان رحيلك هو الحقيقة التي لا يمكن أن تغيب. لحظة نغم ** لماذا غاب صوتك فجأة أحسست لحظتها أن الزمن يتوقف والشهقة تقف في الحلق، فأخذني الترحال إلى كل المواطن تبحث عن بقاياك، فوجدت عطرك هو الشذا الذي يملأ كل الفضاء، رحلت كثيراً طوحت بي الأيام كثيراً وغبت في ثوانيها، وصوتك الغائب هو الذي يملأ كل نبض.