كلنا بالفطرة يحب كثيراً والديه.. وقد حض ديننا الحنيف على برهما وزحسن مصاحبتهما بالمعروف والرفق بهما قال تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) الإسراء: (23).. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :(الوالد أوسط أبواب الجنة فأضِع ذلك الباب أو احفظه) و جاء في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع رفيقه في الجنة موعظة لكل عاقل ليدرك فضل بر والديه، فلنحرص على تعليم أبنائنا فضائل الخير بل وكنوزه التي أودعه الله تعالى في البر.. فقد ورد أن سيدنا موسى سأل ربه أن يريه رفيقه في الجنة فأرشده تعالى أن يذهب لرجل في منطقة معينة فهناك سيجد رفيقه في الجنة.. فذهب عليه السلام مشتاقاً لرؤية ذلك الرجل وما يفعله حتى نال شرف رفقته في الجنة.. فوجده في دكان يعمل جزارا فطلب منه أن يضيفه فوافق الرجل فرافقه الى بيته وبدأ الرجل في إعداد الطعام، ولما فرغ أنزل مقطفاً يشبه السرير البسيط كان معلقاً إلى أعلى السقف وكان بداخله امرأة عجوز.. فأخذ سيدنا موسى يرقب تصرف الرجل حيث شرع في إطعام تلك العجوز حتى شبعت ثم غسلها وطيبها ثم رفعها إلى مكانها الأول فكانت طيلة فترة إطعامه لها والعناية بها تتمتم بكلام لم يفهمه سيدنا موسى عليه السلام.. فلما فرع الرجل بادر سيدنا موسى الى سؤاله عن هذه العجوز.. فقال الر جل: هي أمي وأنا على هدا الحال معها منذ مدة، فقال له وماذا كانت تقول؟ قال الرجل: كانت تدعو لي وتقول اللهم اجعله رفيق موسى في الجنة.. فقال له سيدنا موسى أبشر يا رجل فقد استجاب الله تعالى لدعائها بكريم صنيعك معها.. فأنا موسى وأنت رفيقي في الجنة.. والآن عزيزي القارئ أتركك مع مناجاة لوالد سمعتها للأستاذ الكبير/ عبد الله دبلول شاعر التراث الحجازي الموهوب أقتطف لك بعضها فقد جاءت معبرة ومؤثرة بعثها ولد لوالده بعد ثلاثين عاما لوفاته فجزى الله الأستاذ عبد الله دبلول خير الجزاء ورحم والديه ووالدينا فعسى أن تذكرنا برعاية والدينا : (ثلاثين سنة في الحج الماضي ولاني قادر يوم أنساك.. إن شاء الله تكون على ولدك راضي..إن شاء الله تكون في الجنّه هناك.. ثلاثين سنه وأنا أبكي عليك..حنين وشوق لتراب رجليك.. ثلاثين سنة ما هي شي قليل يتفارق فيها خليل وخليل، شوف قد إيش وحشني كلامك، وأنا واخواتي وأمي معاك تجمعنا في ظلك ومقامك.. والكل يتسابق لرضاك وإنت تمسك لي الإبريق تقول يا ضناي تعال اتوضأ نصلي الفجر، ونفك الريق ونشيل الزنبيل نتقضى، ليتيمك ما يملا مكانك لا خال و لا عمة ولا عم إنت لحالك كون لحالك، ثلاثين سنة يا وجه السعد فيها صغيرك أصبح جد.. يا اللي أبوك لسه موجود، ألحق أقرب ألصق فيه، الفرصة لو راحت ما تعود، بيع الدنيا عشان ترضيه إسمع منه دعوة كريمة، الحق أكسب رضا والديك، ما في الدنيا شيء له قيمة، يساوي كلمة يرضى عليك)..