** في هذا الصيف اللافح.. وبالذات في هذا الفصل "الجوزاء" والذي يطلق عليه "الفلاحون" في المدينةالمنورة بفصل "الصبغة" أي الذي "يُصبغ" فيه بلح "النخلة" فيتحول من "الاخضرار" إلى اللون الأحمر "الزاهي" وهو ما يطلق عليه "بالزهو" وايضا هناك نوع يتحول إلى اللون "الأصفر" كالسكرية.. والروثانة.. وهذه الروثانة كان لا يعبأ بها عند الفلاح بل كان يتحرج في تقديمها لضيوفه لانه يعتبرها "نخلة" غير أصيلة فهو يقدم الحلوة.. أو السويدة.. أو العنبرة.. أو الطبرجلي أو البيض.. ولكن تغير الحال الآن فاصبحت الروثانة هي المطلوبة هذه الايام.. وسبحان مغير الأحوال. وأهل المدينة في مثل هذا الفصل يتذكرون بتندر حكاية ذلك الوالي "التركي" الذي قدم إلى المدينةالمنورة فلم يتحمل شدة الحرارة وهو القادم من جبال تركيا وجوها الناعم العليل فتساءل في استنكار "لماذا هذا جو حار". فقيل له ان هذا "الحر" ضروري لكي ينضج "الرطب" على "نخله" فرد في غضب وعصبية حاسمة "مو لازم رطب ولا تمر كل نخل قصوا". ليت ذلك "التركي" يرى الآن ان كل ذلك "النخيل" قد "قص" وأصبح اثراً بعد عين.. فلا توجد تلك "المزارع" التي كانت سبباً في هذه الحرارة وكانت تحيطها من جميع جهاتها الأربع.. وتضفي عليها ذلك التميز الفريد بين بقية المدن لتتحول الآن إلى كتل من الأسمنت الجامد بعد تلك الشاعرية العذبة. فقد اندثرت تلك "المزارع" التي كانت تحيط بالمدينة من جميع جهاتها الأربع.